بكين توفر ملاذاً اقتصادياً آمناً وبديلاً اقتصادياً لواشنطن

انضم اليوان الصيني الى قائمة العملات الدولية ورغم المخاوف من تأثير ذلك على الاقتصاد الصيني وتجارتها الخارجية، الا ان الخطوة الصينية بضم اليوان الى سوق العملات جاء بعد سلسلة من التطورات والخطوات التي مهدت لهذا الاجراء.
فالصين تجاوزت اليابان ثاني اكبر اقتصاد في العالم ،بعد الولايات المتحدة الامريكية ليقارب ناتجها المحلي الاجمالي 8 ترليون دولار، محتلة المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة بناتج قومي يقدر بـ 16 ترليون دولار.
نمو الناتج القومي الاجمالي الصيني حفزها إلى انشاء بنك التنمية الاسيوي لينافس صندق النقد الدولي، موسعا آفاقه ليضم بريطانيا وعددا من القوى الاقتصادية الصاعدة، الصندوق فتح الباب واسعا لامريكا وكندا وغيرها من الدول الا انه اشترط بقاء حصة الصين فوق الـ 50 % وهي شروط رفضتها الولايات المتحدة الامريكية وكندا، وفتحت الباب لصراعات اقتصادية ادت الى انشاء منطقة التجارة لمنطقة الباسفيك لترد عليها الصين بفتح اسواقها وتحرير عمل البنوك في مناطق خاصة تسمح بتدفق رأس المال ذهابا وايابا بحرية.
تطورت حرب العملات مؤخرا؛ إذ سارعت العديد من الدول للتخلص من احتكار الدولار كعملة للتجارة الدولية في محاولة للتخلص من العقوبات، او من التبعية الاقتصادية التي تثقل كاهلها السياسي، خصوصا مع اتساع التباينات والخلافات السياسية بين القوى الدولية والقوى الاقليمية.
اذًا قبلت روسيا جعل العملة الصينية عملة التبادل التجاري والتعامل المالي مع الصين لتنضم اليها المملكة العربية السعودية بعد الزيارة الاخيرة لولي العهد الثاني الامير محمد بن سلمان تبعتها ايران وتركيا ومصر، كأحجار الدمينو مرشحة المزيد من الدول للانضمام الى النادي الجديد.
سياسة الولايات المتحدة الامريكية كان لها دور في دفع الدول نحو التعامل مع اليوان الصيني ، فتوسعها في عملية انتاج النفط والغاز من الصخر الزيتي واصدار قانون يسمح بتصدير النفط متجاوزا قانون الحظر عام 1975 ليزيد من معاناة الدول المنتجة للنفط التي ارتبط اقتصادها طويلا بالولايات المتحد الامريكية.
لم يتوقف الامر عند حدود وقف العمل بقانون 1975، فقانون جاستا الذي استهدف المملكة العربية السعودية سرع باندفاعة المملكة العربية السعودية نحو العملة الصينية والانفتاح على الاسواق الصينية بشكل اوسع، كما اسهمت العقوبات على روسيا في تفعيل العلاقة التجارية بين روسيا والصين، الحال ذاته مع ايران التي عانت من عقوبات امريكية ومن اتفاق نووي يتأرجح بين الحين والآخر.
الحال ذاته مع تركيا التي واجهت توترا في علاقتها مع واشنطن، وعانت من توقف سياسة التسيل الكمي الامريكية، فاقمها التوقعات برفع اسعار الفائدة على الدولار؛ ما دفع المستثمرين الامريكان لسحب استثماراتهم وودائعهم الى الولايات المتحدة الامريكية من جديد مع صعود نجم السياسة الترمبية الاقتصادية.
الصين اختارت توقيتا مناسبا لفتح كوة امل للدول الطامحة والمستاءة من القيادة الاقتصادية والسياسية الامريكية للنظام الدولي، وباتت ملاذا امنا لمن يريد التحرر الاقتصادي وتجنب التقلبات في المزاج الامريكي نتيجة العامل الانتخابي، او لرغبة في خلق توازن يسمح بالتحرر من السياسة الامريكية وتقلباتها المزعجة، لذلك فانه من المتوقع ان يزداد الاقبال على اليوان الصيني؛ باعتباره ملاذا يسمح بتحرير العملات والاقتصاديا من كابوس الدولار الامريكي مستقبلا.

(السبيل2016-12-12)