«الدولة الواحدة»: صيغ متعددة ومتباينة عربياً وإسرائيلياً

تم نشره الجمعة 24 آذار / مارس 2017 12:29 صباحاً
«الدولة الواحدة»: صيغ متعددة ومتباينة عربياً وإسرائيلياً
اسعد عبد الرحمن

يلتبس على الكثيرين معنى «الدولة الواحدة»، وكأنها تحمل معنى واحدا. ولربما يكون السبب في ذلك كامنا في بتر صيغ الدولة الواحدة عن سياقها التاريخي، وكذلك في طغيان الطرح المتعدد المقاصد الذي ينادى به هذه الأيام أكثر من فريق من اليمين الإسرائيلي. أما جوهر هذا الطرح، فمفاده ضم الضفة الغربية (المباركة في التوراة «يهودا والسامرة»!) لدولة إسرائيل، خاصة في ظل «استحالة» إزالة «المستوطنات»، حيث أصبح الواقع الجديد يؤسس لصيغة إسرائيلية مختلفة لا تحمل، بالتأكيد، ذات المعنى والمقصد من وراء الشعار الفلسطيني الذي رفعته منظمة التحرير الفلسطينية في العام 1969 وهو إقامة دولة واحدة ديمقراطية علمانية لا طائفية على أرض فلسطين التاريخية يعيش فيها اليهود والمسيحيون والمسلمون على قدم المساواة في الحقوق والواجبات، وتمنح فيه المواطنة لكل من يعيش على أرضها الممتدة من نهر الأردن إلى البحر المتوسط.

وعليه، نلاحظ أن فكرة «الدولة الواحدة» ليست بالموضوع الجديد. بل إن الفكرة طرحت لأول مرة في العام 1944 حينما صاغ الحزب الشيوعي الفلسطيني موقفه بالدعوة للتطور الديمقراطي لفلسطين والتحرر من التأثيرات الخارجية في ظل دولة واحدة، يكون فيها السكان العرب واليهود متساويين في المواطنة بكامل حقوقها وواجباتها. وقتها، وقع الخلاف بين الشيوعيين العرب واليهود حول إنشاء دولة ديمقراطية علمانية أم دولة ثنائية القومية، مثلما شمل الرفض الفلسطيني الصارم لفكرة تلك الدولة الواحدة معظم القيادات والأحزاب والقوى السياسية الفلسطينية والعربية. هذا، عن فكرة «الدولة الواحدة» فلسطينيا وعربيا.

بالمقابل، لا يمكن الزعم بوجود إجماع إسرائيلي على صيغة محددة للدولة الواحدة، مع أن خطوطها العريضة، حسب البناء «الاستيطاني» في ظل حكومة اليمين المتطرف، تعني ضم الضفة لدولة إسرائيل، مع بعض الاختلافات. فالبعض يريد دولة يهودية «نقية» لا وجود للعرب فيها، فيما آخرون لا يمانعون في أن تكون دولة واحدة تقوم على الفصل العنصري «أبارتايد»، وهو الأمر الذي أكده التقرير الصادر عن لجنة الأمم المتحدة الاجتماعية والاقتصادية لغرب آسيا (إسكوا)، بشأن «تأسيس إسرائيل نظام (أبارتايد) يهيمن على الشعب الفلسطيني بأجمعه ويقسمهم إلى أربع فئات تخضع كل منها لترتيبات قانونية مختلفة، وأن الوقائع والأدلة تثبت بما لا يدع للشك مجالا أن إسرائيل بسياساتها وممارساتها مذنبة بارتكاب جريمة (الأبارتايد) كما تعرفها مواد القانون الدولي». وفعلا، نرى أكثر من صيغة إسرائيلية للدولة الواحدة. فـ (نتانياهو) على سبيل المثال لا يتحدث عن دولة واحدة ديموقراطية تضم الفلسطينيين والإسرائيليين بل عن دولة يهودية «نقية».

ويقول في مقابلة أجرتها معه شبكة «MSNBC» التلفزيونية الأميركية إنه «يوجد شرطان لدولة فلسطينية: الاعتراف من جانبهم بدولة يهودية والتخلي عن فنطازية القضاء علينا، وسيطرة أمنية إسرائيلية غرب النهر».

ومن أحدث المشاريع الإسرائيلية خطة رئيس حزب «البيت اليهودي» الوزير اليميني المتطرف (نفتالي بينيت) التي عرضت منح 40% من الضفة «حكما ذاتيا»، ودفع قطاع غزة إلى إقامة «دولة فلسطينية مستقلة».

خلاصة القول أن إسرائيل، وضمن الصيغ المتعددة للدولة الواحدة، لم تقبل ولن تقبل بحل الدولة العلمانية الديموقراطية أو الدولة ثنائية القومية. وهي بالتالي لن ترضى بأي من الصيغ المطروحة عربيا وفلسطينيا والقائمة على المساواة والديموقراطية. وطبعا، هي ترى أن هذه الصيغ تلغي المشروع الصهيوني الذي رسخه (فلاديمير جابوتنسكي) ويتبناه هذه الأيام أتباعه، ألا وهو «أرض إسرائيل الكاملة» التي يعيش فيها اليهود (بحقوق كاملة) والعرب (بحقوق مبتورة) تحت «السيادة اليهودية»!

الراي 2017-03-24



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات