إسلام بلا خوف!

تم نشره الجمعة 24 آذار / مارس 2017 12:32 صباحاً
إسلام بلا خوف!
محمد أبو رمان

"إسلام بلا خوف: مصر والإسلاميون الجدد" هو كتاب مهم للأكاديمي والباحث الأميركي ريموند ويليام بيكر، تمت ترجمته للعربية بواسطة المركز العلمي للدراسات السياسية (عمّان)، في العام 2008.
بالرغم من مرور أكثر من عقد على تأليف الكتاب، و9 أعوام على ترجمته، إلاّ أنّ أهميته وقيمته لا تتراجعان، بل تزدادان اليوم مع صعود الجماعات المتطرفة والمتشددة دينياً، مقابل تراجع التيارات الإسلامية الإصلاحية والوسطية شعبياً، وتجاهلها إعلامياً وسياسياً.
الكتاب يتحدث عن مدرسة فكرية إسلامية وسطية في مصر، تتشكّل من انتلجنسيا مثقفة متكاملة، خلال العقود الماضية، مثل أحمد كمال أبو المجد (المفكر الإسلامي)، طارق البشري ومحمد سليم العوا (مفكران وقانونيان معروفان)، محمد الغزالي (المفكر والفقيه المعروف)، يوسف القرضاوي (العالم المشهور)، والصحفي فهمي هويدي.
هذه المدرسة التي أعلنت عن نفسها بصورة جلية بما أسماه المؤلف "مانفيستو" في العام 1991، عبر كتاب ألّفه حينها أحمد كمال أبو المجد متحدثاً عن رؤيتهم في العديد من القضايا والمجالات بعنوان "رؤية إسلامية جديدة"، وهي رؤية كانت تلك المجموعة قد أعدّتها قبل ذلك بعشرة أعوام، لكنّها لم تر النور إلاّ في العام 1991، ثم قدّمها جماهيرياً أبو المجد بعد ذلك في العام 1992، بالتزامن مع المناظرة الشهيرة بين الشيخ محمد الغزالي وفرج فودة في معرض الكتاب في مصر.
الكتاب يبدأ فصوله بسرد ذكي لقصة شاب متطرف أعلن عن توبته على التلفزيون المصري، وتخليه عن فكر الإرهاب والعنف الذي كان يؤمن به، ويقدمّ ذلك الشاب في المسار الذي سلكه في طريق التطرف، ثم طريق العودة إلى الاعتدال. ويرصد بيكر كيف أنّ هذا الشاب، بالرغم من أنّه خدم الرواية الرسمية الأمنية بصورة مباشرة، إلاّ أنّ التأثير الأكثر عمقاً في حديثه كان أبعد مدى وكسر الصورة النمطية التي أرادت الدولة تكريسها بوصف المنخرطين في جماعات التطرف، مجرمين سطحيين، لا يملكون ثقافة، وغير متعلمين، ليظهر الشاب بقدر كبير من الكارزما والثقافة، متحدثاً بارعاً صدم المصريين وهو يتحدث عن "الجيل المفقود" من الشباب التائه بحثاً عن هويته وعن أفق، ليقع لاحقاً في براثن الخطاب التكفيري المتطرف!
المهم في تلك الرواية أنّ الشاب سرد كيف أنّ عودته عن الطريق المتطرف أتت عبر بداية قراءته لكتب الشيخ محمد الغزالي، ثم الرموز الوسطيين، الذين لم تكن الدولة تعترف بدورهم في تلك الأعوام، إذ هزّ هؤلاء المفكرون إيمانه بطريق العنف والتطرف، ودفعوه إلى مراجعة أفكاره، وصولاً إلى التخلي عن المنهج السابق وخروجه من تلك الجماعات!
بهذه القصة الجميلة يعرّج المؤلف على رؤية الإسلاميين الجدد، ذلك التيار، لقضايا العنف والإرهاب والتطرف الديني، ودعوتهم في مواجهة ذلك إلى استراتيجية كفاح وطني لمواجهة الفقر والجهل وإصلاح التعليم العام، ثم يتطرق لرؤيتهم للتعليم والمجتمع والسياسة والثقافة والفن والقانون، وكانت رؤية مغايرة تماماً للمواقف الفقهية والفكرية الإسلامية السائدة، فيها انفتاح شديد على الحريات والأدب والفنون، حتى أنّ كلا من أبو المجد والغزالي دانا محاولة اغتيال فودة (ومن المعروف أنّ أبو المجد قام لاحقاً، قبل أعوام، بتقديم لرواية نجيب محفوظ (أولاد حارتنا) التي دفعت بمتطرف لمحاولة اغتيال الأديب). 
هذا التيار، الذي تنتمي جذوره وأصوله، إلى المدرسة الإصلاحية الأولى (رائدها محمد عبده) ويؤمن بأولية الثقافة على السياسة وبأهمية الإصلاح والتجديد الديني، يمثل أحد أهم القوى التي من الممكن أن تحدث تغييراً ثقافياً واجتماعياً إيجابياً، وتتصدى لأفكار العنف والتشدد، وتساعد الأجيال الجديدة على إيجاد طريق آمنة للمستقبل!

الغد 2017-03-24



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات