«دفرسوار الشام» .. والناطق الجاهل !!

سألت فتاة بريطانية مثقفة خطيبها المولود في دبلن مسقط رأس اوسكار وايلد :» هل تعرف الكاتب المسرحي الشاعر المشهور اوسكار وايلد ، وهل قرأت مسرحياته ؟
صمت قليلا واجاب ببساطة :» الحقيقة لا أعرفه ولكن استطيع أن احصل لك على رقم هاتفه من صديق !!
في تلك اللحظة ادركت الفتاة أنها ستتزوج من شاب جاهل وأحمق ، لأن وايلد توفي في العام 1900، وهو الذي قال عبارته المشهورة :» الأنسان لا يستطيع ان يختار اعداءه «!!.
تذكرت هذه الحكاية عندما كنت اتابع تصريحات رئيس وفد المعارضة المسلحة في سوريا بعد اجتماع جنيف ، لأن اجاباته كانت تشبه الى حد ما اجابة خطيب الفتاة البريطانية ، حينها ادركت أن ، المعارض السوري لا يعرف حقيقة الصراع الدائر في سوريا واهدافه ، ويجهل خريطة التحالفات المعقدة القائمة على مصالح الدول المتورطة ، كما لا يعرف اعداء سوريا على حقيقتهم ، فهو مفرط في التفاؤل لدرجة الوهم ، وربما أن ألأمور محسومة لصالحه ، لدرجة أنه يعتقد بسذاجة وبساطة أنه بعد خطوة أو اثنتين سيتسلم السلطة في سوريا ، أو أن دي مستورا سيسلمه مفاتيح دمشق فور عودته الى الفندق الذي يقيم فيه في عاصمة ما.
هذا الموقف الحماسي المبالغ فيه اتخذته قيادة التنظيمات المتطرفة على قاعدة توقعاتها باحداث اختراق عسكري واسع ( دفرسوار ) نتيجة الهجوم الواسع غير المسبوق الذي شنه مسلحو التنظيمات المتحالفة مع النصرة في ريف حماة وفي المنطقة الممتدة من جوبر الى القابون باتجاه العباسيين بهدف تغيير ميداني في دمشق يغير في المعادلة ويعيد خلط الأوراق عشية مؤتمر جنيف.
المشهد السوري شائك ومعقد ، والتحالفات المتغيرة المتشابكة داخل المشهد محيرة وغامضة تثير الشكوك. ففي الشمال السوري نرى خريطة تحالفات سوريالية ، تحتاج الى منجّم مغربي أو ضاربة ودع أو قارئة كف لفك طلاسمها ، وهي على النحو التالي: تركيا حليفة للولايات المتحدة ولكنها تشن حربا على التنظيمات الكردية التي تدعمها واشنطن ، وفي ذات الوقت استبعدت القوات الأميركية القوات التركية من معركة تحرير الرقة !!
بالمقابل نرى ان تركيا متحالفة مع روسيا ولكنها ، أي انقرة ، تدعم التنظيمات المتطرفة التي تقاتل الجيش السوري الذي تدعمه موسكو ، وتمد هذه التنظيمات بالأسلحة وتفتح امامها الحدود بهدف تقويض الدولة واسقاط النظام بدعم خارجي وهو ما ترفضه موسكو. كما ان قوات سوريا الديمقراطية أعلنت انها على استعداد للقتال الى جانب الجيش السوري في معركة تحرير الرقة ، حقا انها معادلة محيرة في تفاصيلها.
ويزيد المشهد تعقيدا ، أن وزير خارجية فرنسا هو الذي اعلن عن موعد بدء معركة تحرير الرقة ، في حين نعرف أن الحكومات الفرنسية المتعاقبة ، منذ بداية التمرد المسلح في سوريا حتى الآن نشطت وتنشط ضد النظام السوري وبالغت في دعم التنظيمات المتطرفة سياسيا واعلاميا ، رغم مسلسل التفجيرات الذي ضرب العاصمة الفرنسية أكثر من مرة ، وكذلك الولايات المتحدة.
وما يثير الشكوك اكثر وأكثر هو تعزيز المشاركة الأميركية – الفرنسية في معركة تحرير الرقة ووجود عسكري مكثف غير مسبوق ، مزود باسلحة ثقيلة متطورة ، اضافة الى تدريب رجال شرطة للمحافظة على الأمن في المدينة ، وهو اجراء يوحي بغزو أجنبي لشمال سوريا ، هدفه اقامة اقليم كردي في الشمال مقدمة لتقسيم سوريا أو فرض الفدرالية ، لضرب الهوية العربية للدولة ، على قاعدة المحاصصة الطائفية والعرقية ، ولكن في النهاية ستكون المهمة مستحيلة .
الراي 2017-03-27