لقاء الملك مع واشنطن بوست

تم نشره الأحد 09 نيسان / أبريل 2017 01:31 صباحاً
لقاء الملك مع واشنطن بوست
د. فطين البداد

لعل اللقاء الذي أجرته الصحفية لالي ويموث من صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية مع جلالة الملك كان الأشمل والأوضح في مواقف الأردن تجاه القضايا الساخنة التي يشهدها الإقليم والعالم .

 فقد كان الملك يجيب ببداهة وبسرعة ويضع النقاط على الحروف حول مواقف الأردن من مختلف القضايا الساخنة ، ليس انتهاء بالضربة الأمريكية لقاعدة الشعيرات قرب حمص والتي هي رد فعلي مناسب ، ولا ابتداء بجزيرة القرم التي أكد الملك أن اهتمام الروس بها أكبر من اهتمامهم بسوريا وأوكرانيا  .

 كانت القضية الفلسطينية وحل الدولتين حاضرة في اللقاء ،  فهي هاجس ملكي بامتياز ، حيث تحدث الملك عن هذا الملف باعتباره ملفا شاملا من شأنه أن ينهي الصراع في المنطقة ويقضي على الإرهاب الذي يتغذى بالإحتلال وبالظلم .

 وبتواضع الهاشميين ، لم يشأ الملك أن ينسب لنفسه تغيير ترامب لقراره نقل السفارة الأمريكية إلى القدس ، حيث أجاب الصحفية بكل تواضع  : "  طُرح علي هذا السؤال، وإجابتي كانت أنه سيكون هناك عواقب لو جاء مثل هذا القرار معزولا عن أية إجراءات أخرى أكثر شمولية،  وقد بادر الرئيس ترمب  بدوره وأوضح مدى حرصه على إحراز تقدم بين الفلسطينيين والإسرائيليين والتوصل لعملية سلام منتجة، وأهمية أن نعمل معا في هذا الجهد ".

وفي نفس الوقت لم ينس الإستيطان الذي تنهب به إسرائيل الأرض الفلسطينية يوما بعد يوم .

وحول سؤال عن أن للملك فضل السبق في التأثير على ترامب بشأن الإستيطان أيضا  قال : "

  أعتقد أن هناك مبالغة في حجم الأثر الذي تركته، فهناك من يقول أنه كان لي دور في ذلك، ولكنني لا أعلم حقيقة إن كنت أنا السبب في ذلك، فأنا عبّرت عن آرائي فقط ".

  وإذا  كان من وضوح فلا أكثر من تحديد موقف من إيران التي تستغل القضية الفلسطينية لتحقيق مآربها في المنطقة  حيث قال جلالته  : " أن هذه الاجراءات تخلق العداء والإشكاليات، خاصة وأننا نعلم أن أولوية الرئيس هي محاربة التطرف والإرهاب دولياً، وهذه الإشكاليات " فلسطين والإستيطان " لا تخدم هذه الجهود، بل هي تزيد من قوة إيران وزعيم عصابة داعش الإرهابية أبو بكر البغدادي " .

وبخصوص الحرب على داعش واسترجاع الرقة قال : " أعتقد أن الرقة سوف تُسترجع (من يد داعش). وأعتقد أن الأمور تسير بشكل جيد في سوريا والعراق فيما يتعلق بدحر الإرهاب،  إن المشكلة الوحيدة هي أن الإرهابيين سيضطرون للحركة وسوف يتوجهون جنوبا،  إنه تحد، لكننا مستعدون لمواجهته بالتنسيق مع الولايات المتحدة وبريطانيا ".

وعن الأسد قال : " إن  المنطق يقتضي بأن شخصاً ارتبط بسفك دماء شعبه من الأرجح أن يخرج من المشهد " .

 وأوضح هذا بقوله : "  في جنيف  سيكون هناك نوع من الاتفاق بين الأطراف على تحديد أولوياتهم ومصالحهم المشتركة حول كيفية التعامل مع بشار الأسد، في نهاية المطاف نحتاج نظاما سوريا مقبولا من كل الشعب السوري ".

وأجاب جلالته عن سؤال حول روسيا والإرهاب وتفجير مترو سان بطرسبورغ وقال : بالنسبة للرئيس بوتين فإنه يواجه تحديا رئيسيا يتمثل في الإرهاب، فداعش بذراعها الدولي بدأت تشكل تهديدا لهم،  وأعتقد أن حادثة (مترو) سانت بطرسبرغ هي بداية انتقال المقاتلين الأجانب إلى ساحة قتال جديدة، ولذلك هناك مصلحة للرئيس بوتين لأن يعمل على إيجاد حل سياسي عاجلا أم آجلا في سوريا،  فإذا كانت الدول الأوروبية تواجه خطر المقاتلين الأجانب، فإن روسيا تواجه هذا الخطر بعشرة أضعاف. فهناك الكثير من المجموعات الإرهابية من القوقاز، وقد خاضوا حربين في الشيشان ".

 وكم كان الملك صريحا خلال إجابته عن سؤال حول علاقة واشنطن بموسكو في سوريا حين قال : "  ننظر إلى الحوار بين الولايات المتحدة وروسيا كعنصر مساعد، وبخلاف ذلك، ستستمر الولايات المتحدة وروسيا في السعي نحو تحقيق مصالحهما بشكل متضارب في سوريا، وإذا ما استمر هذا التوتر فقد يمتد الى مناطق أخرى مثل مولدوفا،  وسيستمر هذا الوضع المتأجج حتى يتم التوصل إلى تقارب في وجهات النظر ".

وعندما عادت الصحفية لإيران ومصالحها في سوريا أكد الملك أن هناك أطماعا إيرانية في سوريا وأنه أبلغ الروس بها وأن الروس يفهمونها ، حيث قال : " هناك محاولة لإيجاد تواصل جغرافي بين إيران والعراق وسوريا وحزب الله في لبنان،  لقد ناقشت ذلك مع الرئيس بوتين، وهو يدرك جيداً نوايا إيران الاستراتيجية بأن يكون لها نفوذ هناك ".

وبخصوص وجود الحرس الثوري بالقرب من الحدود الأردنية في الشمال رد جلالته : " نعم، إن الحرس الثوري الإيراني على بعد 70 كيلومتراً تقريباً (في جنوب سوريا)، وإذا كانت الأخبار غير جيدة بالنسبة لنا، عليكِ أن تأخذي أيضا المعادلة الإسرائيلية في الحسبان " .

أضاف مستدركا  : "  لقد كنا في غاية الوضوح مع روسيا، بأن مجيء لاعبين آخرين، من تنظيمات وغيرهم، إلى حدودنا لن يتم التهاون معه، وأعتقد أننا وصلنا إلى تفاهم مع روسيا بهذا الخصوص ".

وبخصوص العراق وتأثير إيران في هذا البلد قال الملك : "  لديها تأثير، لكن أعتقد أن جمع المكونات العراقية الوطنية لتعمل معا سيوفر التوازن المطلوب ".

أضاف : "  لا يمكن إنكار النفوذ الذي تتمتع به إيران في العراق، وتتواجد أيضا في شرق أفريقيا وفي أفريقيا بشكل عام، إنهم موجودون هناك منذ فتره ويحاولون فرض هيمنتهم، ووجودهم هناك تم إحباطه مبكرا إلى حدٍ ما، ولكن، ما لم نعمل على تقوية الدول الإفريقية، فإن لاعبين آخرين سيدخلون إلى المشهد، وسيحاولون فرض سياساتهم، لذلك، مجددا، فإن الولايات المتحدة منخرطة بشكل أكبر في الصومال، وتعمل على تقوية علاقاتها مع كينيا، وأثيوبيا، وجيبوتي، لأنها دول محورية في الحرب ضد حركة الشباب ".

وكشف الملك عن حجم المساعدات الأمريكية قائلا : " نريد، خلال السنوات الأربع أو الخمس القادمة، أن نخرج من إطار اعتمادنا على المساعدات، لذلك فإن تعزيز الدعم للأردن في المرحلة القادمة سيزيد من مستويات النمو، لنتمكن من الاعتماد على انفسنا ، ومع وصول نسبة اللاجئين في بلدنا إلى 20 بالمئة من إجمالي عدد السكان، فإن الحكومة تواجه عبئا كبيرا جداً، فنحن نوفر لهم الخدمات الصحية والتعليم، والولايات المتحدة هي الداعم الأكبر للأردن، فقد تلقينا مساعدات بقيمة 1.275 مليار دولار العام الماضي " .

 أما الإجابة التي كانت متوقعة فهي حديث الملك عما يقلقه في هذه المرحلة ، وهنا قال : " إن ارتفاع نسب البطالة قد يقود الى التطرف،إن مصدر القلق الذي أرقني على مدار 5-6 سنوات الماضية هو الوضع الاقتصادي، وليس الوضع السياسي أو العسكري أو الأمني، إنني أحاول جهدي لتحقيق نمو اقتصادي والاهتمام بشعبي ".

هكذا ختم الملك حديثة للصحيفة الأمريكية ، وهو حديث يجدر بالمسؤولين والمشتغلين بالشأن العام والإعلام والسياسة في الأردن أن يقرأوه أكثر من مرة ليعرفوا الخط السياسي الذي ينتهجه رأس الدولة .

 

د.فطين البداد

 

 

 

 

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات