عن حديث الملك لوكالة بترا

تم نشره الأحد 17 أيلول / سبتمبر 2017 12:08 صباحاً
عن حديث الملك لوكالة بترا
د.فطين البداد

كعادته دائما ، كان جلالة الملك متفائلا بالقادم من الأيام رغم الصعوبات التي تواجهها المنطقة والإقليم .

حديث جلالته مع وكالة بترا نهاية الأسبوع أماط اللثام عن العديد من القضايا التي  تهم الأردنيين    .

فبالإضافة إلى حديثه عن وجوب الإعتماد على الذات ، بدا الملك متفائلا بقدرة هذا الشعب على الإستمرار في العطاء والصمود أمام العاديات ، وكما قال الملك ، فإن  المساعدات الإقتصادية التي تصل الأردن بين الفينة والأخرى لا تغني أبدا عن أن يعتمد البلد على نفسه ، إلا أن ما يمنع الأردن من أن يكون منتجا ومنتعشا وقادرا على الفعل   هو ما يحدث في الإقليم  وخاصة في سوريا والعراق ، ولقد بدا الملك متفائلا في  أن  حلا ما يلوح في الأفق في سوريا ، وانفراجا في العراق قد يفضي إلى تحسن الظروف الإقتصادية بشكل عام  خاصة بعد فتح معبر طريبيل ، في انتظار افتتاح المعابر مع سوريا عقب الترتيبات المنتظرة في الجنوب السوري  على الحدود الشمالية للمملكة .

 وإذا كان المواطن ومستوى معيشته " هو الأساس الذي ننطلق منه دائماً في توجيه الحكومات " كما قال   ، فإن ما يعزز توجيه جلالته للحكومة في تجنب الإعتماد على جيوب الناس هو حديثه عن الطبقة الوسطى التي يؤكد خبراء أن قانون الضريبة القادم يستهدفهم  حيث قال الملك : إن "   واجبنا أن نحميهم -  وأن نحمي ذوي الدخل المحدود والطبقة الوسطى ،  ولا بد من التأكيد على أن الظروف والتحديات الصعبة التي واجهها اقتصادنا خلال السنوات السابقة كان لها أثر كبير على الطبقة الوسطى، وارتفاع حجم البطالة ومستويات الفقر، لذلك وجهت الحكومة بأن تضمن في إجراءاتها عدم المساس بالطبقة الوسطى، وفئات الدخل المحدود، بل حمايتها وتوجيه الدعم لها أثناء تطبيق الإصلاحات المالية، حتى نتمكن من تجاوز التحديات أمامنا. "..  وهي رسالة يجب أن تصل المشرعين الذين يترتب عليهم ، وفق هذا التصريح الملكي أن يبحثوا عن موارد أخرى لا تشمل غير المشولين بالضريبىة بها ،مما سينهي الطبقة الوسطى التي طلب الملك حمايتها ، وهو ما يجب أن تفهمه الحكومة وتعيه وتنفذه .

وبدا الملك منشرحا بنتائج الإنتخابات البلدية  واللامركزية ، خاصة وأنها انتخابات جرت في ظل ظروف صعبة تعيشها المنطقة ، مما عزز مكانة الأردن وثقته بنفسه ، حيث قال : "  بأن بلدا كالأردن يعيش في إقليم مضطرب ويجري انتخابات نيابية ومحلية خلال عام واحد بكل نزاهة وشفافية وينتج تمثيلا شعبيا هو الأكبر في تاريخ المملكة أمر يدعو للثقة والتفاؤل وهو دليل على نجاح أجهزة ومؤسسات الدولة".

 وبدت أعمار المترشحين للإنتخابات وكأنها وعي أردني " شاب " بضرورة الإنغماس في عملية الإصلاح ، حيث قال الملك : "

 " من أكثر الأمور التي أثارت اهتمامي العدد الكبير من المترشحين للانتخابات البلدية ومجالس المحافظات وفئاتهم العمرية الشابة، وهو ما يشير إلى حماس الأردنيين واستعدادهم لأخذ زمام المبادرة والانخراط في العمل العام على المستوى المحلي " .

 وتحدث الملك عن ضرورة إصلاح القضاء ، ومن هنا تطرق في حديثه لورقته النقاشية السادسة التي خص بها القضاء ، حيث قال : "

"  تم تشكيل اللجنة الملكية لتطوير الجهاز القضائي وتعزيز سيادة القانون، كخطوة من الخطوات المرتبطة بالورقة النقاشية السادسة، حيث قدمت اللجنة توصياتها للنهوض بالقضاء وتعزيز فاعليته، وتسريع إجراءات التقاضي، بما يضمن تحقيق العدالة وحصول المواطن على حقوقه ضمن مدد زمنية معقولة" .

وخلال حديثه عن القضاء ، لم ينس الملك سببا مهما في طرحه ورقته المذكورة ، وهي الإستثمار الذي لا يعمل إلا في بيئة قضائية نزيهة ، ومن هنا قال :

 " سيكون لهذه التشريعات ( القضائية التي أقرها البرلمان ) أثر إيجابي على عمل   القضاء، وثقة المواطنين بسيادة القانون والعدالة، وثقة المستثمر بالأردن ".

وعن الهم الشعبي الأكبر بعد الوضع الإقتصادي ، تطرق الملك للنزاهة والفساد قائلا :

"  أقرت الحكومة الاستراتيجية الوطنية للنزاهة ومكافحة الفساد 2017 – 2025 التي تهدف إلى خلق بيئة مناهضة للفساد وتجريم الواسطة والمحسوبية. ولن يكون هناك حماية لأي كان من أن تطاله يد القانون" .

إلا أن للواسطة والمحسوبية أسبابها ، ويتربع على رأس هذه الأ سباب  ثقافة مجتمعية يجب أن تتغير ، وهنا قال جلالته :

  " أود التأكيد هنا أن محاربة الفساد تتطلب تعاون جميع أجهزة الدولة ومكوناتها وأهمها المواطن نفسه، فظاهرة الواسطة على وجه الخصوص لا يمكن محاربتها دون رفض المواطنين القاطع لها ونبذها ".

وعما أمر به جلالته  بشأن العاملين في الديوان الملكي قال :

" في الديوان الملكي، بادرنا لاعتماد ميثاق قواعد السلوك الوظيفي لكبار الموظفين فيه، وتبعه في ذلك القوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي ودائرة المخابرات العامة، وذلك لإرساء منظومة قانونية أخلاقية تحكم العمل والأداء وتعزز الشفافية والمساءلة في العمل العام، وتحصن مؤسساتنا ومسؤولينا ".

 وبخصوص تجاوز البعض على الدستور والقانون بطرق شتى قال : "

 " صحيح أننا شهدنا بعض المحاولات للمساس بهيبة الدولة والاستقواء على القانون، إلا أن وعي شعبنا وكفاءة مؤسساتنا كانت ومازالت السد المنيع بوجه هذه المحاولات؛ فلا أحد فوق القانون ولا تهاون أبداً في تطبيقه، وأجهزتنا الأمنية تقف بالمرصاد لكل من تسول له نفسه أن يعكر صفو أمن الوطن والمواطن. فلا يوجد مكان لا تطاله أجهزتنا الأمنية ولا خارج عن القانون لن تصل إليه، وهذا قرار لا خطوط حمراء فيه، فالقانون فوق الجميع ".

 وبخصوص الحرب على تنظيم داعش الإرهابي ، قال جلالته :

" هناك تقدم جيد في الحرب ضد داعش، ما قد يدفع داعش جنوباً نحو الأردن، ونحن مستعدون وقادرون تماما على التعامل معهم بكل حزم، ومع أي تصعيد قد يشكل خطراً علينا، سواء أكان من داعش، أو أي مجموعات أجنبية تقاتل في سوريا، أو عمليات تستهدف المدنيين قريباً من حدودنا وتسبب موجات لجوء جديدة" .

 إلا أن جلالته أبدى قلقه من أن القضاء على داعش نهائيا قد لا يكون ممكنا إذا لم  يتبع تحرير المناطق من التنظيم خطوات إصلاحية شاملة لجميع مكونات الشعوب في كل بلد ، وهنا قال جلالته :

 " إن المناطق التي تم تحريرها من عصابة داعش الإرهابية في العراق وسوريا ليست نهاية المطاف؛ فداعش قد تظهر من جديد إذا لم نوفر حلولاً جذرية لمختلف الأزمات التي تمر بها بعض الدول العربية. ويجب أن نمنح الأمل لشعوب المنطقة، التي أرهقتها دوامة العنف والحروب. كما آن الأوان أن نوفر نوافذ الأمل أمام أجيال الحاضر والمستقبل " .

أما القضية الفلسطينية ، فأكد تواصله الشخصي الدائم مع أصحاب القرار الدوليين  والإدارة الأمريكية للوصول إلى حل الدولتين ..وقال :

" خلال تواصلي مع الرئيس الأميركي ترمب وأركان إدارته لمست التزاما بدعم جهود الوصول إلى حل يضمن السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وهو أمر إيجابي ومشجع. وأتوقع أن نرى ترجمة حقيقية لهذا الالتزام في المستقبل القريب، ومن الضروري أن يكون وفقا لحل الدولتين، باعتباره الحل الوحيد لإنهاء الصراع ، لا بد من التأكيد أيضا على أن القضايا الإقليمية مترابطة، فالتوصل إلى سلام عادل وشامل يضمن قيام دولة مستقلة للأشقاء الفلسطينيين على ترابهم الوطني وعاصمتها القدس الشرقية، من شأنه تحقيق الأمن والاستقرار للمنطقة وشعوبها".

ولم ينس جلالته ما يجري لمسلمي الروهينجا في ميانمار ، حيث أدان بشدة ما يجري هناك وقال :

"  " يجب أن لا ندع الأحداث في الشرق الأوسط تطغى على أشكال أخرى من القتل والعنف والترحيل الجماعي ضد المسلمين مثل ما يحدث في ميانمار، إذ لا بد من التأكيد هنا على إدانتنا الشديدة للجرائم والاعتداءات والمجازر الوحشية التي ترتكب ضد أقلية الروهينجا المسلمة في إقليم راخين في ميانمار، والتي أدت إلى قتل وتشريد عشرات الآلاف من الأبرياء المسلمين في الإقليم. وعلى المجتمع الدولي تحمل مسؤولياته الأخلاقية والقانونية والضغط على حكومة ميانمار لإنهاء هذه الأعمال الوحشية البشعة وحفظ حقوق الأقليات وحرية الأديان والمعتقدات للجميع " .

لقد كان حديثا شاملا جامعا ، أما ما يتعلق بالشأن المحلي  ففيه توجيه وتذكير للحكومة الحالية ولمن يأتي بعدها أن الأردن بات يعتمد على استراتيجيات وليس على " فزعات "  ، وليس مشروع قانون الضريبة المرتقب قبل حديث الملك إلا مثالا ناصعا عليها .

 

د.فطين البداد



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات