«وهم الواقع» في مرحلة عابرة..

تم نشره الإثنين 25 أيلول / سبتمبر 2017 01:04 صباحاً
«وهم الواقع» في مرحلة عابرة..
محمد كعوش

قال صاحبي، وهو سياسي عتيق كاتب ومفكر، ان من نتائج الحرب العالمية الأولى كان تقسيم المنطقة واطلاق وعد بلفور، وبعد الحرب العالمية الثانية تم تنفيذ الوعد واقامة «دولة اسرائيل «. ويعتقد صاحبي ايضا أن الصراع القائم اليوم في المنطقة، والذي اتخذ شكل الحروب الأهلية، اضافة الى تدخل هذا العدد من اللاعبين والمشاركين اقليميا ودوليا في القتال، قد ينتج مشروعا جديدا لأعادة تقسيم المنطقة بعد مئة عام من «سايكس – بيكو»، عبر عملية تفاهم وتقاسم اميركي روسي في المنطقة خصوصا في سوريا والعراق، تقود الى اقامة الدولة الكردية (كردستان) وربما حل القضية الفلسطينية، أي اقامة الدولة الفلسطينية ضمن الخريطة الجديدة للشرق الوسط.

بالنسبة للقضية الفلسطينية، يراهن صاحبي على وعي المجتمع الدولي الذي استيقظ متاخرا، وعلى قناعات غربية جديدة فرضتها المرحلة، ولكنه اراد ان يحفظ خط الرجعة فوضع علامة استفهام كبيرة أمام المشهد برمته، لأن ملامح المشروع لم تتبلور بعد، ولم تتضح معالم الطريق التي ما زالت غارقة في الضباب والغموض.

في الاتجاه المعاكس ارى ان مشروع التقسيم قد سقط، وتم صده بصمود وصبر الشعب السوري وتماسك الجيش ومؤسسات الدولة، فالشعب السوري قدم تضحيات كبرى في الدفاع عن وطنه وهويته وكرامته ووجدانه، بعدما جعل الظلاميون الجحيم هو الوجه الآخر للوردة الدمشقية وياسمين الشام وفرح الناس، في لحظة تخريب عابرة عاجزة عن اغتيال الفرح وجماليات الحياة.

صحيح ان الزمن العربي الرديء انسحب الى الخلف محطما كل آمالنا وأحلامنا، ولكن رغم ذلك سنظل ننتظر ما هو افضل، حتى من تحت الركام، فانا أرى أن المشهد يستعد لطقس مختلف، لذلك لا اراهن على وهم الواقع في مرحلة تتغير فيها التحالفات والمصالح، وهو الفعل الذي لم يدركه مسعود البرزاني الذي وقع في فخ الوهم، فاراد التلويح بالانفصال عن العراق واعلان دولة «كردستان» كما يلفظها ويكتبها، وهو يعلم انها «دولة محاصرة «سياسيا وجغرافيا، لا يؤيد قيامها سوى اسرائيل.

الثابت أن البرزاني يراوغ ويناور من اجل تحقيق مكاسب اكثر عبر أكبر عملية ابتزاز، ويعتقد أن ورقة الأستفتاء ستحسّن وضعه التفاوضي بحيث تمنحه القوة على حشر حكومة بغداد في الزاوية، مع ضرورة التذكير بأن البرزاني يعلم أن دولته قائمة منذ احتلال العراق، ولا ينقصها سوى اعتراف دولي وتعيين سفراء فحسب، كما انه يعرف ان الأكراد شركاء في حكم العراق ويتواجدون في كل سلطات ومؤسسات الدولة في بغداد، ولكنه استضعف الدولة المتهالكة، واستغل الصراع المذهبي القائم، والتقط اللحظة التاريخية ليطلب ما هو اكثر.

أما على المسار الفلسطيني، فقد اعيد فتح ملف القضية ليس بفضل يقظة ووعي الضمير العالمي الذي ما زال يعاني من النعاس، بل بسبب ثبات الشعب الفلسطيني في الداخل، وفشل المشروع التقسيمي المشبوه الذي تم تدميره في سوريا ، واعتقد ان في نهاية النفق سيولد الواقع العربي الجديد الذي يعيدنا الى التاريخ ويساعدنا على امتلاك القوة للمحافظة على حصتنا من الجغرافيا العربية في هذه المنطقة في مواجهة القوى الاقليمية المتربصة.

الذين يعرفون الصهيونية جيدا يدركون أنها تخشى السلام الحقيقي العادل ، لأنها تسعى الى تحقيق مشروعها الأول القائم على الخرافة والتوراة والبندقية من اجل اقامة الدولة اليهودية العنصرية كدولة لكل اليهود في العالم ، والحكومة اليمينية المتطرفة في اسرائيل تعتنق هذه العقيدة بكل تفاصيلها ، لذلك نسف نتنياهو حل الدولتين وشرع في مشروع الأستيطان والتهويد معا ، وهو بذلك انتهك كل المعايير الدولية وحقوق الأنسان ، واعتقد أن مخيلته السوداء قادته الى الوقوع في فخ وهم الواقع الذي بدده الصمود في سوريا .

الرأي 2017-09-25



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات