التعديل واليوم التالي

تم نشره الإثنين 26 شباط / فبراير 2018 12:46 صباحاً
التعديل واليوم التالي
د.باسم الطويسي

هل ما تزال التعديلات التي تجري على الحكومات مسألة مهمة وتلفت انتباه المجمتع الأردني أم أنها أصبحت لا تتجاوز كونها فرصة للنميمة السياسية وسط فئة من النخبة العمانية؟ في الحقيقة لم يعد سؤال المجتمع الأردني هذه الأيام مشغولا بتعديل حكومي أو رحيل حكومة أو ثقة بالوزير الفلاني أو ثقة بالحكومة العلانية، السؤال اليوم ينظر الى الغد القريب، ماذا بعد كل هذا التجريب وإلى أي نسير؟ وسط  هذه الظروف الصعبة واستعصاء ملفات الاصلاح وتحديدا  الاقتصادي والاشتباك المستمر  مع مصادر القلق الداخلية والخارجية، فالسؤال الحقيقي اليوم هو هل تدوير النخب او تجديدها قادر على استعادتها؟
لعل الملف الاقتصادي هو المعني في تجديد هذه الحكومة؛ الى هذا الوقت لم تظهر الحكومة  اي افكار ابتكارية جديدة او نوايا نحو استدارة كبيرة في الفكر والممارسة  الاقتصادية، او العودة لادارة الاقتصاد من الداخل، الامر المهم الذي يستحق التوقف ان الخطاب الحكومي خلال العام الماضي وهذا العام انتقل من خطاب الوعيد والتخويف واثارة القلق على المستقبل الاقتصادي الى الاجراءات او الخطاب المرتبط بالممارسات وهذا جيد؛ ولكن هذه الممارسات كانت في اتجاه واحد أي الإصلاحات التقليدية المعتمدة على جيوب المواطنين، دون أن نشهد تطوير أدوات فاعلة لتحفيز الاقتصاد وتوسيع القاعدة الإنتاجية وتنويعها. 
التطور المهم الآخر في المرحلة السابقة من عمر هذه الحكومة يتمثل  بالاعتراف أن الوضع الاقتصادي الصعب نتيجة أخطاء ارتكبتها الحكومات عبر سياساتها الاقتصادية سواء في إدارة ملف الطاقة أو تنمية المحافظات أو الاستثمار وصولا الى سياسات التشغيل والعمل؛ ولكن ايضا لم يتبع هذه الاعترافات المهمة إجراء تعديلات واضحة في السياسات العامة تعالج الأخطاء التي اعترف بها الخطاب الرسمي. 
هل أمام الحكومة بتكوينها الجديد فرصة لإحداث إزاحة في الوقع الاقتصادي، والتخفيف من علل الاقتصاد الوطني المزمنة؟ فالظروف صعبة ومعقدة وأكبر مما هو متاح لكن الفرصة ما تزال ممكنة على المديين المتوسط والبعيد، هذه الفرصة كي تكون واقعية تحتاج التفكير ببرنامج اقتصادي وطني مواز لبرنامج صندوق النقد الدولي؛ يقوم على وقف للقروض الخارجية أو التعامل معها بالحد الأدنى حتى ولو تطلب ذلك وقف الإنفاق الرأسمالي في بعض القطاعات، والتركيز على قطاعات ريادية محددة يمكن أن تحمل الاقتصاد سواء في الخدمات أو الإنتاج، ثم منظور جديد للضريبة العادلة بالتزامن مع رؤية وطنية لأتمتة القطاع العام وتطوير نظام معلومات اقتصادي وطني يكون الأساس لوقف التهرب الضريبي وقطع الطريق على استفحال الرشوة والممارسات الطاردة للاستثمار. 
وإلا ستبقى قصص مثل الاستثمار وقوانين الضريبة والتذكير بالتهرب الضريبي في كل مرة، مجرد لهو سياسي لا أكثر، وعلينا أن نتذكر أن أطروحة زيادة حجم مشاركة النساء في سوق العمل هي الأخرى أسطورة سياسية فمنذ أكثر من ثلاثة عقود نرددها بدون جدوى، كما هو الحال في الحاجة إلى وضع أجندة وطنية لتنظيم القطاع غير المنظم الذي يحتل مساحة واسعة من الاقتصاد ولكنه كتلة هلامية غير واضحة، فتنظيم هذا القطاع يعني الكثير من المكاسب في تحسين سوق العمل وإحداث إزاحة نحو توسيع فرص التشغيل في القطاعات المهنية وتقليل حجم التهرب الضريبي وتحسين جودة الخدمات. 
بوجود الأزمات أو بدونها يبدو أن المراجعة الجريئة والقدرة على التقييم والمساءلة هي الدماء الحقيقية التي تمد أي حكومة بالقدرة على العمل والاستقرار والاستمرار.

الغد 2018-02-26



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات