تعديل المزاج العام

تم نشره الإثنين 26 شباط / فبراير 2018 12:48 صباحاً
تعديل المزاج العام
جميل النمري

في المقال الفائت تحدثنا عن مزاج ساخط يسود الرأي العام، ومظاهر الاحتجاج، خصوصا في السلط والكرك، تظهر رأس جبل الجليد المتحرك تحت المياه، ولم يسبق أن كانت ردود الفعل على ثقة النواب بهذه الدرجة من الحدّة والقسوة كما رأيناها على وسائل التواصل الاجتماعي ثم لأول مرّة في عرائض اجتماعية عن دوواين تعلن المقاطعة التامّة لنواب الثقة. وأنا تعاملت دائما مع الشكونة وعدم الرضى باعتبارهما ظاهرة تقليدية في المجتمع الأردني لكن هذه الأيام – يجب الاعتراف - فالأمر يعكس ضيقا حقيقيا أعمق وأقسى من أي وقت سابق.
هل يعدل التعديل الوزاري المزاج العام! طبعا لا، وبالكاد لتغيير وزاري كامل أن يستعيد ولو مؤقتا شيئا من مناخ التفاؤل الذي يسود عادة مع كل حكومة جديدة. ولعل الحكومة الحالية أكثر الحكومات تعديلا وثمة رقم قياسي في قصر فترة بعض الوزراء، وهناك وزراء كانوا يدخلون في تعديل ويخرجون في التعديل اللاحق أو ينتقلون من حقيبة إلى أخرى وقد تم استحداث حقائب لغايات طارئة ثم جرى إلغاؤها مثل وزير الدولة للشؤون الخارجية وتم إسناد أكثر من حقيبة مؤقتا لوزير واحد مثل إسناد النقل لوزير البلديات. والغريب أن التعديل ترك هذه القضية ولا ندري هل هذا تأجيل لأنهم لم يعثروا على وزير مناسب ومقنع يحمل هذا الملف الشائك أم لأن الرئيس قرر نهائيا أن يستمر م. وليد المصري بحمل الحقيبتين الثقيلتين معا. والتعديل الأخير في الحقيقة كان مشروعا محدودا ثم توسع بفعل الحاجة لوجود نائب للرئيس (بوجود الرئيس تحت العلاج إن شاء الله يخرج منه مشافى معافى) ثم ظهور فكرة النائبين واحتجاج بعض الوزراء حول الأقدمية.
لا نحب الشخصنة ولذلك لا ندخل في تقييم الأشخاص الذين دخلوا أو خرجوا في هذا التعديل لكن لا نستطيع إلا أن نعبر عن حزننا وأسفنا على خروج د. حازم الناصر الذي كان للتو قد فاز في معركة شرسة كانت ستكلف الدولة 460 مليون دولار لو خسرناها وهي قضية التحكيم الدولي مع الشركة التركية حول مياه الديسي ويشهد المختصون على الأداء فائق الجودة للوزير في هذه القضية والأمر كذلك لملف المياه عموما. لكن في خضم التعديلات والتشكيلات الوزارية ينتهي الأمر إلى لعبة شطرنج فكل إدخال أو إخراج أو إزاحة له تداعيات ويخلق اعتبارات تحكم القرار في خانات أخرى فينتهي الأمر الى تسويات بين اعتبارات متضاربة تنتهي الى محصلة مختلفة عن الفكرة الأصلية والقرارات المقنعة المفترضة لكل موقع. وحين جاء د. ممدوح العبادي في التعديل السابق افترضنا أن الحكومة بحاجة الى شخصية قوية ذات عمق سياسي وشعبي، لكن لم يتم الاستفادة من قدراته القيادية المشهودة والتي خبرناها في موقعه أمينا للعاصمة وعندما ظهرت الحاجة لنائب رئيس وزراء يمارس فعليا دور الرجل الأول فقد كان منطقيا إسناد المنصب للعبادي لكن بدل ذلك خرج من الحكومة.
في الحكومة كفاءات تكنوقراطية عالية المستوى لكن المشكلة ليست هنا. وكان يمر على كل وزارة وزراء بمستويات متناقضة بعضهم ينهضون بوزاراتهم بصورة عظيمة  ثم يأتي من يهدم الانجازات في مشهد عبثي متكرر. نعيش على الإنجازات المؤقتة والجزئية في هذا المرفق أو تلك الإدارة وليس في إطار التقدم الكلي إلى الأمام  فتشكيل الفريق الحكومي وبالطبع التعديل على الفريق يأخذ طابعا شخصا وفرديا صرفا تحكمه اعتبارات ظرفية، ولا يقف رئيسا وأعضاء على أي أرضية مشتركة لرؤية وبرنامج.

الغد 2018-02-26



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات