مسكين أيها الرجل

تم نشره الإثنين 19 آذار / مارس 2018 07:12 مساءً
مسكين أيها الرجل
بسمة النسور

يحدث كل يوم أن يُعجب رجل بامرأة، وقد يتورّط فعلا، ويقع في غرامها، ويسعى إلى الوصول إلى قلبها بكل الوسائل المقبولة منطقيا واجتماعيا وأخلاقيا، وبأسلوب نبيل مهذب رقيق، بعيدا عن الفجاجة والمبالغة. وإذا تم له أقصى ما يمكن أن يتمناه، في هذه الحالة، ويكتشف أن الحبيبة الموعودة تبادله المشاعر الفياضة ذاتها، فإننا بصدد مشروع حكاية حب جميلة قائمة على الندية والتوافق، كفيلة ببث طاقة الفرح في نفوس العاشقين المحظوظين، وقد يمضيان الحياة في "تبات ونبات وينجبان البنين والبنات" قبل أن يتحولا إلى زوجين مملين، استهلكتهما الحياة، وبددت تلك اللحظة الوردية التي رافقت بدايتهما، هذه صورة ليست نمطية متشائمة، بقدر ما هي واقعية وتعبر بدقة عن طبيعة مشاعر العشق التي لا تدوم على حال. وفي أحسن السيناريوهات، وعند تحقق شرط توافق الطباع، قد ينتهي بهما الأمر رفيقين طيبين، يحتملان الحياة معا من دون حدوث خسائر في الأرواح والممتلكات. ولا يتبقى في النهاية من تلك الحكاية المثالية المدهشة سوى ألق البداية الخاطف للأنفاس.
وفي حالات أخرى، لا يمكن اعتبارها مقبولة أو حتى طبيعية، قد يبدي أحد الطرفين إعجابا، ويعبر عن اهتمام بالآخر. وهذا سلوك مفهوم تماما، غير أن هذه المبادرات، إذا لم تتوقف عند حد، قد تتحول إلى مصدر إزعاج كبير، عندما لا يبدي الطرف الآخر اهتماما مماثلا. عندها قد يتعدى الأمر حدود المنطق، ليصبح اضطرابا نفسيا، يستدعي مساعدة متخصصة، سيما إذا غدت أدوات التعبير عن المشاعر أحادية الجانب، هوسا وتعلقا وملاحقة وإصرارا على فرض الذات بالقوة، والتطفل بأسلوب فج وثقيل الظل كذلك، ومحاولة إثارة شفقة الحبيب المتمنع. وفي أحيان كثيرة، المنخرط في علاقة حب مستقرة وغير معني بهلوسات الآخر الذي وضع نفسه في موقفٍ بالغ السخف، متخليا عن حس التمييز والتقدير والكبرياء، مستمرا في الإلحاح والمطاردة وانتهاك الخصوصية، ما يسبب نفورا مضاعفا لدى الطرف المعتدى عليه. وبعيدا عن التعميم، وفي حال مقارنة بين سلوك النساء والرجال في هذا الشأن، يمكن القول إن ثمة نموذجا من الرجال يبدي عقلانية أكثر في مواقف كهذه، فيعمد إلى الانسحاب من المشهد بأقل الخسائر الممكنة، قد يكون السبب عدم صبره وعدم جدية مشاعره ابتداءً، فلا يرغب في مزيد من الجهد، لأجل محاولات استمالةٍ غير مجدية. ولا يخلو الأمر من نماذج ذكورية بليدة ومتدنية مستوى الذكاء، تتابع السعي من دون كلل.
أما نموذج المرأة المصابة بلعنة الحب من طرف واحد، فإنها تتحول إلى ملكة الدراما بلا منازع، بكاء ونحيبا دائما واكتئابا وانهيارات نفسية متتالية ورثاء الذات، وإصرارا عجيب التسول العاطفي المهين، ترفض الاستسلام، وتتمادى في مشاعر الحب الشوهاء، كلما زاد الرفض والنفور، بل قد توهم نفسها والآخرين بأنه يبادلها المشاعر نفسها، وتتصرف على هذا الأساس فتحول نفسها إلى أضحوكة ومضغة في أفواه الشامتين. والحق أنها نموذج مرضي يستحق الرثاء والرأفة، لأن الأمر ليس بيدها، فلا أحد يختار وضع نفسه في هذا الموقف الذليل الضعيف. ومن الصعب إخضاع مثل هذه السيدة المبتلاة لأي أسلوب تفكير منطقي، باستثناء إبداء النصح والمساندة النفسية، مع ضرورة إدراك أن العاشقة في مصاب كبير، يستدعي مرور وقتٍ، وتجاوز مراحل كي تتمكن من الخروج من سواد تلك المنطقة المعتمة، وتنتصر لنفسها، وتستعيد وقدرتها على التماسك في مواجهة النوائب. الطريف أن المرأة التي تصد الرجل تستثمر الحكاية أحيانا، كي تطرح نفسها امرأة رصينة، صعبة المنال، قادرة على وضع حد لأي متطفل. أما الرجل عاثر الحظ فإن صدوده يعتبر خسّة ونذالة وخذلانا لامرأة ضعيفة، كانت في أمس الحاجة له.. مسكين، أيها الرجل، التهمة ثابته عليك في كل الحالات.



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات