الفساد بعيون عربية

تم نشره الأربعاء 21st آذار / مارس 2018 12:11 صباحاً
الفساد بعيون عربية
ماهر ابو طير

يتم توقيف الرئيس الفرنسي السابق، نيكولا ساركوزي، على خلفية اتهامه بالحصول على المال من الرئيس الليبي السابق، معمر القذافي، من اجل تمويل حملته الانتخابية.
شهادة ساركوزي الذي تولى الرئاسة بين 2007 و2012 سيتم الاستماع اليها في تحقيق امام شرطيين من المكتب المركزي لمكافحة الفساد والتجاوزات المالية والضريبية، وهكذا يقف الرئيس الفرنسس السابق امام فضيحة سياسية كبيرة، ذات ظلال مرتبطة بالمنطقة العربية.
هذه ليست اول حادثة، نراها في الغرب، اذ نسمع دوما عن حوادث شبيهة، تخص شخصيات وازنة، في مواقع مختلفة، وهي ايضا، ليست مجرد تصفية حسابات سياسية، وان كانت تصفية الحسابات واردة، الا انها تمثل ايضا القيمة الاساس، التي تحمي الدول، اي محاربة الفساد، والشفافية، وان لاكبير ابدا امام هكذا قضايا تهز الرأي العام الغربي، الذي يعتبر المسؤول ايا كان رتبته مجرد موظف عام، عليه ان يلتزم بمعايير اخلاقية محددة، خلال موقعه.
حتى الاحتلال الاسرائيلي، يمارس ذات السلوك، ورئيس الحكومة الاسرائيلية السابق ايهود اولمرت دخل السجن لسنوات، على قضية قد تعتبر في العالم العربي، امرا عاديا، او تافها، فيما يخضع رئيس الحكومة الاسرائيلية الحالي، لملاحقات وتحقيقات، على قضايا قد تبدو ليست ذات قيمة في دول اخرى، في هذا العالم.
لايمكن ان نفصل بين الذهنية التي تدير هكذا نماذج من الدول، وواقع الحال، لان المنظومة السياسية، ليست مجرد نصوص على الورق، بل واقع تعيشه تلك الشعوب، التي على مافيها من مشاكل او علل، الا انها لاتتهاون ابدا مع اي مسؤول، يتورط في قضية فساد، او اي ممارسة تتجاوز سلطاته المقررة وفقا للدساتير او القوانين والانظمة.
ازدراء الغرب، وهي سمة موجودة في العالم العربي، ازدراء ينزع الى الشعور بفوقية العرب، وان بقية الاجناس اقل شانا، وان مصير كل هؤلاء الى جهنم، امر سائد، وهذا الازدراء يتوجب ان يتبدد امام قيم مهمة جدا، يمارسها الغرب، تاريخيا، اغلبها يتعلق بحقوق الانسان، والعدالة والشفافية، وطبيعة البنية الداخلية، الى آخر القضايا التي يمكن الحديث حولها.
هذا الازدراء يتجلى بصورة ثانية، اذ يقول بعضنا، ان كل هذه القيم، قيم عربية واسلامية، يمارسها الغرب، ونتخلى عنها نحن، وهذا الكلام، على صحته، الا انه يصر على رد هذه القيم الينا فقط، برغم انها قيم انسانية، استمدت قوتها وعناوينها من الطبيعة البشرية السوية، ونراها في امم ليس لها علاقة اساسا في المنطقة، ولم تتأثر بأي فكرة فيها، ولم تتصل بنا، بطريقة او اخرى، لكنها النزعة الفوقية التي تصر على اننا مصدر كل الاشياء الجيدة في العالم، حتى لو لم نمارسها في حياتنا.
اغلب الدول الغربية، تضع اسسا غير موجودة عند اغلب الدول الاخرى؛ قيم تهتم بالانسان وحقوقه، وتحدد الفواصل بين كل السلطات والاطراف في اي بلد، وتفعل بقوة كل الجهات القادرة على الرقابة ومنع اي اختلالات او تجاوزات، ولربما الاهم، ان هذه البنية باتت عامة، بمعنى ان الكل يتربى على هذه القيم، ولايحاول خرقها، ولايسمح بخرقها اساسا، الا في حالات نادرة، وعلينا ان نلاحظ ان اي مجتمع يضع مثل هذه الاسس ويصونها، ايا كانت مدرسته السياسية- الصين نموذجا- سيكون قادرا على التطور بطريقة سريعة جدا، لان السر يرتبط بالرؤية وتنظيم الداخل ووضع معايير لكل شيء.
من المؤلم ان نبقى في العالم العربي، في خانة الذي يتمنى ان يصبح مثل غيره، وحتى ذلك الحين، نتغذى فقط، اما على الذكريات التاريخية، او على تعويض الفروقات، بأزدراء الاخرين والانتقاص منهم لاي سبب، وفي احسن الحالات، القول انهم يأخذون قيمنا ويطبقونها، فيما نحن لانطبقها!.

الدستور 2018-03-21



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات