إنها الكونفدرالية

قبل ان يجف حبر الانتخابات النيابية الاردنية الاخيرة بكل تفاصيلها واستحقاقاتها الاقليمية وتحضير الاردن للمرحلة المقبلة بدأ مسؤولون في سلطة الحكم الذاتي الفلسطيني يهددون بحل هذه السلطة والذهاب الى اعلان ما يسمى بالدولة الفلسطينية.
وقد ترافق ذلك بالاعترافات المتوالية لهذه الدولة قبل ان تعلن, فمن امين عام بقايا جامعة الدول العربية الى الاصدقاء المغفلين في بعض دول امريكا الجنوبية الى عواصم عالمية ليست معروفة بأي تعاطف مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة..
ورغم ان الاردن مستهدف كما الشعب الفلسطيني بهذه المناخات المشبوهة الا ان هناك من تحدث في الصحافة الاردنية عن نهاية حل الدولتين وذلك الى جانب طرح مشروع اللامركزية للاقرار في البرلمان الجديد, فهذه وتلك ليستا بعيدتين عن المناخات المذكورة.
اما السيناريو الجديد المتوقع فهو قديم جدا ويتمثل في اعلان الدولة الفلسطينية من طرف واحد حيث تتسارع الاعترافات الدولية بها ومنها الامريكان وما يعرف بمعسكر الاعتدال العربي.. وبعد ذلك تكون الضغوط والابتزازات الامريكية - الصهيونية للاردن قد وصلت مداها لاجباره لاعلان كونفدرالية مع الدولة المذكورة.
وفي كل ذلك, ينبغي الانتباه الى الملاحظات التالية:
1- ان الدولة الفلسطينية العتيدة مجرد اعلان سياسي, فلا وجود لها في الواقع وهي غطاء او عنوان لتضليل الرأي العام الدولي والعربي, خاصة الفلسطيني والاردني ذلك ان الاردن وليس بقايا الضفة الغربية هو المجال الجغرافي - الديمغرافي (البشري) لهذه الدولة.
2- بصرف النظر عن الموقف من اوسلو فان اعلان الدولة الفلسطينية (يحرر) العدو الصهيوني من كل قضايا الحل النهائي مثل قضية اللاجئين والقدس والمستوطنات والغور الفلسطيني الشمالي.. الخ.
واذا صدق نتنياهو عشية انتخابات الكنيست السابقة فهو قادم لمرحلة ما بعد اوسلو وما سماه بالاستحقاقات الاقليمية الجديدة مما يفسر ايضا تحول المفاوض الفلسطيني من قضايا الحل النهائي الى جانب شكلي هو تجميد الاستيطان لا تفكيك المستوطنات ناهيك عن غياب حق العودة وغيره عن هذا المفاوض.
3- ان الكونفدرالية المطروحة في الفهم الصهيوني هي مجال حيوي صهيوني للتخلص من قضية اللاجئين وتمرير الترانسفير الناعم وتمرير ما يسمى في مؤتمر هرتزليا (باسرائيل العظمى) (مركز اسرائيلي ومحيط اردني - فلسطيني) يستدعي صهيونيا ضرب فكرة الدولة والسيادة والشعب والمواطنين واستبدالها باشكال من السلطة في الضفتين تدير مجاميع سكانية..
فحسب المفهوم الصهيوني, الارض الواقعة بين البحر وصحراء العراق (ارض يهودية) يعيش عليها سكان عرب (لا مواطنين) يمكن ان يداروا بسلطات (لا دول) صديقة.
4- ان اخطر ما يمكن ان يؤول اليه هذا السيناريو هو التأليب الاقليمي المتبادل وتغذية المخاوف الاقليمية عند الاردن مقابل تغذية الاوهام عند الفلسطينيين, ولذلك فان الانزلاق الى هذه المخاطر وصرف الانتباه عن الخطر الصهيوني الحقيقي تحت شعارات مختلفة, من اقصى اليمين الى اقصى اليسار, هو بالضبط ما يخدم العدو ويؤشر بالشبهة على الرؤوس الحامية في الطرفين, وبالعكس من ذلك, المطلوب تحشيد وتوحيد الجميع ضد العدو الصهيوني ومشاريعه المذكورة وادواتها ومناخاتها وعناوينها المختلفة وعلى رأسها الكونفدرالية..(العرب اليوم)