وهذه هي "الأغلبية الصامتة"

تم نشره الخميس 06 كانون الثّاني / يناير 2011 12:42 صباحاً
وهذه هي "الأغلبية الصامتة"
محمد أبو رمان

المفارقة الرئيسة في استطلاع مركز الدراسات الاستراتيجية بالجامعة الأردنية، أنّ تقييم الرأي العام لمستوى الديمقراطية تراجع إلى 6.3 % مقارنة بـ6.9 % العام الماضي، رغم أنّ الاستطلاع أجري بعد الانتخابات النيابية التي كان من المفترض أن تكون رافعة كبرى للحالة الديمقراطية، بيد أن ذلك لم يحدث!

كيف نفسّر ذلك؟ ثمة فرضيات كثيرة أبرزها أن قانون الصوت الواحد (والدوائر الافتراضية) لم يفتح باباً حقيقياً لتحريك عجلة الإصلاح السياسي، ولم يشعر الناس أن هنالك شيئاً حقيقياً تغيّر، فضلاً عن "الصورة الأولية" عن مجلس النواب من خلال جلسات الثقة.

النتيجة (هذه) تنعكس على مستوى الحريات المختلفة، إذ شهدت جميعها تراجعاً (وفق اتجاهات الرأي العام)، عن العام الماضي، فنسبة من يعتقدون بأنّ حرية الصحافة مضمونة إلى درجة كبيرة نزلت إلى 40 %، وكذلك حرية الرأي إلى 38 %، والتظاهر إلى 23 %، والانتساب إلى الأحزاب إلى 26 %.

الأهم من هذا وذاك، وما يزال يمثّل رقماً مخجلاً لنا هنا، أنّ نسبة من يخافون انتقاد الحكومة علناً تصل إلى 76 %، بزيادة طفيفة عن العام الماضي، في مقابل نسبة 19 % فقط لا يخشون ذلك! وإذا كانت هذه النسبة المرتفعة جداً تخشى انتقاد الحكومة، فإنّها تعبّر – بلا شك- عن الأغلبية الصامتة، التي كثيراً ما يروّج "الخطاب الرسمي" أنّها في صفه، إلاّ انّ الاستطلاع يبرز أنّها تخشى مجرد "انتقاد الحكومة" علناً!

عند هذه القضية، تحديداً، أختلف مع تفسير تقرير مركز الدراسات لهذه النسبة المرتفعة في الخوف من انتقاد الحكومة بأنّها تعود إلى "الممارسات السائدة التي استهدفت المواطنين من عقوبات في مرحلة ما قبل التحول الديمقراطي" (المقصود هنا قبل العام 1989)، ذلك أنّ هذه الممارسات ما تزال سائدة إلى الآن، والمشهد السياسي يسير نحو الوراء، فليست المسألة مرتبطة بـ"ميراث الأحكام العرفية"، بل بما هو على أرض الواقع اليوم!

ولعلّ الأرقام التي يطرحها علينا التقرير حول اتجاهات الرأي العام تعيد طرح السؤال المهم والأساسي: لماذا ندور في المربع الأول "الجري في المكان نفسه" منذ بدء ما يسمى "التحول الديمقراطي"؟ فلم نتقدّم خطوة إلى الأمام، فهذا فضلاً عن أنه يرهق النظام بلا مردود واقعي، ويصيبه بالإعياء والتعب (وهو ما بدت علاماته خلال المرحلة الأخيرة)، فإنّه يفقد الخطاب الرسمي أي أنواع المصداقية، وبدرجة رئيسة لدى الرأي العام المحلي، قبل الخارجي.

إذا كانت هنالك "اختلافات معينة" حول بعض مسائل الإصلاح السياسي، مثل قانون الانتخاب، فيفترض، وفق الدستور، أن تكون مساحة واسعة من القضايا خارج دائرة النقاش، ومضمونة مبدئياً، مثل الحريات العامة وحقوق الإنسان، وعدم الشعور بالخوف والرعب من المعارضة أو الانتساب لأحزاب سياسية، لكن من الواضح أنّ هذه القضايا جميعها ما تزال هاجساً مقلقاً للرأي العام، لم يتخلّص من هيمنتها بعد، نظراً لغياب أي قفزات حقيقية في هذا المجال.

ومما يدعو إلى الإعجاب بتقدم الرأي العام في مسائل الوعي والإدراك السياسي أنّه يعتبر الفساد هو العائق الرئيس في وجه الديمقراطية، بنسبة 15 %، فيما تحتل العوامل الأخرى مثل الصراع العربي- الإسرائيلي والخوف من الوطن البديل درجات أقل من ذلك.

هذه القراءة متقدمة على الجدال السياسي الحالي، إذ إنّها تقفز مباشرة لتوجيه أصابع الاتهام للتيار الذي يتخصص في رفع الفزّاعات ضد الإصلاح، حتى لا تتضرر مصالحه ومكتسباته الحالية التي يجنيها من غياب الشفافية والمساءلة والرقابة وديناميكيات اللعبة الديمقراطية.(الغد)


 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات