الاقباط

عُرفت مصر قبل الفتح الاسلامي ببلاد القبط, التي تعود الى تسمية خارجية ينسبها البعض الى الاشوريين الذين اطلقوا على المصريين اسم هيكو بتون او بتاه وتعني بيت روح بتاح, حسب دراسة يوسف ابو سيف, كما ينسبها آخرون الى اليونان وتسميتهم (كوبتوي او كوبتاي اي الذين يقومون بختن اولادهم.
وفي كل الاحوال, فهناك اجماع بين الباحثين على ان الاقباط هم سكان مصر القدامى وفق ملامحهم (الفرعونية) وقد مروا بالمراحل التالية:-
1- انتاج مسيحية خاصة بهم, بل ان هناك من يعيد المسيحية نفسها الى الاقباط حسب مخطوطات نجع حمادي, وهي ايديولوجيا مركبة من الفرعونية القديمة ومن التحولات التالية لها وبما جعل علاقة الاقباط مع الفرعونية علاقة مركبة, فهي امتداد لها من جهة, وتجديد متصادم معها من جهة ثانية, ويتجلى الامتداد القبطي للفرعونية بالتثليث (اوزيريس- ايزيس والابن حورس ويمثله الصقر) وبالمفتاح الفرعوني (الصليب لاحقا) وبالبعث وطقوس اخرى.
2- الصدام مع المسيحية الرومانية وخاصة بعد عقد مجمع نيقيا لممثلي الكنائس في القرن الخامس الميلادي, فمقابل حديث المسيحية الرومانية عن طبيعتين للمسيح كان الاقباط يؤمنون بالطبيعة الواحدة مثل كل اليعاقبه ومنهم غالبية الآرمن.
ولم يقتصر الصدام القبطي مع روما الوثنية ثم المسيحية على الخلاف الايديولوجي, بل اخذ شكل ملاحقة عسكرية رومانية قدم فيها الاقباط الاف الشهداء حتى عرفت كنيستهم (الارثوذكسية) بكنيسة الشهداء وظل رهبانهم مطاردين في الصحراء طيلة الاحتلال الروماني.
وقد لخص الروائي يوسف زيدان ذلك الصراع في رواياته وآخرها النبطي.
3- مع الفتح الاسلامي وكما حدث مع بطرك القدس الذي كان مطاردا من هرقل امبراطور روما آنذاك تحرر الاقباط من الملاحقة الرومانية وساهموا باسقاط القلاع الرومانية وفتح مصر للعرب المسلمين.. وكانت الفترة الاولى من الفتح الاسلامي ازهى فترات الاقباط قبل ان تتدهور في العصر المملوكي وتسقط مملكة النوبة المسيحية لكن من دون اجبار الاقباط المسيحيين على تغيير قناعاتهم.
4- بعكس الانطباعات الشائعة فقد اعادت الحملات الصليبية مخاوف الاقباط القديمة من المسيحية الاوروبية مما جعل قسما من الاقباط يتطوع للقتال في صفوف المسلمين ضد هذه الحملات خاصة في معارك بلبيس ودمياط.
5- بعد هزيمة المماليك وسيطرة العثمانيين ثم محمد علي وابراهيم باشا استعاد الاقباط استقلالهم المذهبي والاجتماعي فنظام الملل العثماني عهد الى البطاركة بحقوق الولاية على كل ما يتعلق بالاقباط.
6- مع عهد الاستعمار الاوروبي, البريطاني والفرنسي عاد الاقباط الى مناخات السيطرة الرومانية مع فارق خطير, هو انه حيث صمدت المسيحية القبطية امام المسيحية الرومانية, فقد تمكنت جماعات التبشير اللوثرية البريطانية, والكاثوليكية الفرنسية في اختراق الكنيسة القبطية.
7- في القرن العشرين, لعب الاقباط دورا في حزب الوفد ومثلوا الحالة العروبية فيه بقيادة مكرم عبيد, وبعد ثورة يوليو 1952 ومقابل خسارة البرجوازية القبطية لامتيازات طبقية, فقد حاولت الثورة توحيد الجميع في اطار وطني لا مذهبي دون ان تتمكن من تحقيق نجاحات كبيرة وكسر (الانغلاق الكنسي القبطي) وهو الانغلاق الذي تفاقم في مرحلة السادات بعد انفتاحه على الجماعات السلفية لمواجهة الناصرية واليسار المصري, مما ساعد ايضا على توسيع الاختراقات الخارجية خاصة الامريكية للاقباط ومما يغذي هذا الاختراق تهميش الاقباط في مواقع الدولة والبرلمان.(العرب اليوم )