النفقات الرأسمالية في الموازنة

يبـدو كأن الوضع المالي للخزينة في أحسـن حالته لدرجة سـمحت بأن تخصص موازنة سنة 2011 نفقات رأسمالية هي الأعلى في تاريخ المملكة ، بزيادة 24% عما وصلت إليه في السنة الماضية.
خطاب الموازنة أشـار إلى هذه الحقيقة ، وأوضح أن هذه المخصصات تقررت في لجان وزارية قطاعية ، أي أن كل قطاع قدم مطالبه واحتياجاته الماليـة فكانت كبيرة جداً بمسـتوى الطموحات ، وليست نتيجـة قرارات اتخذت في وزارة المالية.
هذه اللجان القطاعية لم تنظر في الوجـه الآخر لمشاريعها ، وهو جـدوى تلك المشاريع من جهـة ، وتوفر المال للإنفـاق عليها من جهة أخرى.
مشاريع كبيرة ما زالت في مراحل الدراسة ، ولم تثبت جدواها بشكل نهائي. أما المال فهو غير متوفر ، لأن الموازنة تشـكو من عجـز يزيد عن مليار دينار ، خاصة وأن الإيرادات المحليـة لا تغطي سوى جزء من النفقـات الجارية ، كما أن المنح الخارجية ستهبط في السنة الجديدة بحوالي 130 مليون دينار.
إذا كان الأمر كذلك فما هو المصـدر الذي سوف يعتمد عليه في تمويل النفقات الرأسمالية الهائلة؟ وكيف يمكن ترشيد الوضع؟.
تنفيذياً ، لا يسـتطيع أن يعالج هذا الوضع الصعب سوى رئيس الحكومة ، الذي يمكن أن يتدخل لتأجيل تنفيـذ المشاريع التي لم يبدأ العمل بها لإعطاء الموازنة فسحة لالتقاط أنفاسـها.
وتشريعياً يسـتطيع مجلس النواب أن يضع تفصيلات النفقات الرأسمالية البالغة 1223 مليون دينار على المشرحة ، ويطبق عليها نظام أولويات صارم يأخذ بالاعتبار الظروف التي تمر بها الخزينة وعجز الموازنة وتضخم المديونية ، فيجيز نصفها ويؤجل النصف الآخر للأعوام القادمة.
هـذا التحليل يفترض جـدلاً أن الإيرادات المحلية سـوف ترتفع بنسبة 6ر10% ، وأن النفقـات الجارية لن ترتفع إلا بنسـبة 9ر2% كما تقول الموازنة بقدر كبير من التفاؤل ، فماذا يحدث إذا نمت الإيرادات المحلية بنسـبة أقل في ظل تطبيـق قانون ضريبة الدخـل الجديد ، وإلغاء إحدى عشر ضريبة نوعية ، وعـدم فرض ضرائب جديـدة ، وتمديـد الإعفاءات المؤقتة ، أو إذا زادت النفقات الجارية بنسبة أعلى في ظل التضخم واسـتمرار دعم الغاز والخبز والأعلاف وغيرها. النتيجـة هي زيادة العجز وإضعاف قدرة الخزينة على تمويل مشاريع غير عاجلة إلا بالمزيد من الاقتراض الذي لا تحمد عقباه. (الرأي)