يا خير بلد

تم نشره الأربعاء 12 كانون الثّاني / يناير 2011 10:00 مساءً
يا خير بلد
علي السنيد

لن تجد وان بحثت في النسب ، خير بيت من خير بيت تسامى في العرب ، فهم العترة الأطهار ، والسادة الأبرار ، والصفوة المختارة ، والدماء الزكية التي شفت فترقت فصنعت الخير والمجد ، وأنارت طريق المظلومين في ساحات الحياة.

هم السادات ، والنطف الشريفة ، أصحاب المكانة ، والمهابة ، حملة الرسالة ، والآيات ، يرتقون إلى السماحة فوق الرضى ، فصدورهم بيضاء مثل عبير قلوبهم ، وأشرق النور من صدورهم ، ومن ظهورهم ، وقبورهم ، ومضوا منارات على أبواب الحائرين.

جللتهم الوقائع فجلوا بها ، وتجلوا ، وقادوا أحداث التاريخ ، أوائل مارسوا الخير في حياة أمتهم منذ النبأ العظيم ، وما وسعتهم صفحات العز والشرف فزادوا فوق عزهم فخارا ، وظلوا في الدنيا أسيادا وأيادي بيضاء فلهم آيات في آيات الله لا تجارى.

هاشميون آمنون ، يأمنهم الناس ، انقياء أصفياء من خلص الأمة ، وأيدْ تقدم الخير وتنير الطريق ، وهم أول الخير ، ومهبط الروح ، ومبعث العزة.

فليست لحظات اعز على الأردنيين من أن ارتبط مصير الأردن بالعترة الطاهرة من ملوك بني هاشم حتى غدا البلد الطيب بلد الأحرار ، والملتفين حول العرش ، ومن ضاقت بهم السبل ، فصنعوا حكاية الأردن الحديث ، فكانت نهضة ، وكان استقرار ، وكانت مؤسسات تحفظ الدماء ، والأعراض ، والأرزاق ، وكانت حكومات ، ومعارضة ، وانتخابات يوم عمت الدكتاتورية وجه العالم العربي.

والقائد الهاشمي لا يكف عن البناء ، والعطاء رغم فقر الثرى ، تحوطه قلوب الملايين من شعبه الأوفياء ، وتحفظه العيون ، والقلوب ، وقد خفض جناحه لأهله الطيبين ، وفرش لهم القلب والدرب. وكلنا حول الملك ، وان اختلفت الآراء ، والأفكار ، ونحن "فدى " القائد ، لا نخذله طرفة عين ، نبني ، ونعلي بنيان الأردن الحديث ، وقد دفع ثمنه من رصيد الأرواح الأردنية ، وفلذات الأكباد ، والهمم الكبار التي تتجاوز الحسابات الصغيرة ، و "شخصنة " المواقف في بلد عزيز يرقى فوق الحسابات ، والترهات ، والمساومات ، والمراهنات الخائبة.

وفي الأردن نختلف على كل شيء سوى الملك ، وفي المحن لا نقف إلا في خندق الوطن ، وليس فينا من يطعن في الخاصرة ، وان اختلفنا فهي مواقف إزاء الحكومات المتغيرة غير أن لا خيار سوى الحفاظ على امن المملكة ، ولا غير الأردن وطناً ، أرضا من ذهب ، وان ضاقت الأيدي فما ضاقت النفوس ، وقد نختلف ما دام الاختلاف خيراً للناس ، وطلباً للحقوق.

نختلف لنبني ، ونلوذ في الشدائد إلى الحضن الأردني المنيع ، ولا نجري خلف السراب والكذبات الكبار.

وتظل شامخاً يا أيها الأردن تطل من قلوب أبنائك خير بلد ، وتسكن في حدقات العيون السمر شارعاً وحارة ، بقراك الصغيرة ، والمدن ، وتغتسل بالادمع الحرى ، وتخرج ابيض كالضحكة على شفاه الأطفال ، واحتفالاً في الروح يجيء في كل موعد.

ها أنا أراك تأتي بسمة من قلوب صغيرة ، أودعت حنينها على الطرقات ، وما تزال تمشي ، فهي أغنية للتراب الأغلى من الذهب ، فدم يا وطناً لم يغادرك الشهداء ، ويا أرضا اختلطت بالأنفس الطيبة ، وبالناس الطيبين ، ويا مدناً كالحلم تغفو ، وتستيقظ عذبة طيبة ، ماء وسماء ، وحبات رمال ، وقطرة ندى فوق زهر اللوز في اللويبدة ، وحلاوة العشق في عجلون ، وليال طويلة في الطفيلة ، ولوحة من نقاء في الكرك ، عيون صافية في مأدبا ، وزرقة وخيال في الأزرق ، والليل المؤنس على أوتار ربابة جنوبية ، والأضواء على حدود النظر في السلط ، وأنت يا عمان كأنك مراجيع ليلة أسهرتها رؤى الأماكن القديمة ، بيضاء من نسج الخيال ، كأنك حلم مطل على الروح لم يكد ينفض من ذاكرة الأيام ، ووجهك الوضاء تباشير فرح ، ومفاتيح أمل ، وأمنية تحط في أرواح العاشقين ، على وقع الحنين. وهدأة ليلك مراويد كحل صبايا تضيء الصباحات ، وجذوة الحنين في الحارات ، وأحلام الزمن الجميل ، فعمان باحة لا يفارقها الفرح ، وأغنية تجيء في الروح مع كل موعد ، بيضاء تشرق من وجوه الطيبين ، والوجوه الجميلة العابرة في طيفك البلوري لوحة من نقاء ، وإباء ، وصفاء يكللها الحنين ، والمارين بين أجفانك يغذون الخطى نحو مستقبل يستلقي على ضفاف الروح ، والأماكن التي تحدث عن قصص تفيض بالشوق ، وأول الحب ، وترويدة الحياة.

عمان يا نكهة المساءات يا طاهرة ، يا قمر الليلة العربية ، يا عروس الشرق ، وحلم الشاعر ، يا روعة الأيام ، وعبير الصباحات ، يا الليلة الساهرة ، يا زاهرة إن أحبابك أنجم فجر يقفون على أعتاب قلبك ما دمت آسرة ، وضل الهدى من لم يتنسم باطيابك ، وتوضأ ، واغتسل بمآقيك الساحرة. حلوة المبسم طابت لياليك ، وطاب الهوى فيك ، فالمحبون الطيبون حنينهم لم يقطع الطرقات ، أولئك الذين اجروا في قلبك دماء الحياة ، ولاقوا حتوفهم فرحين ، وكانت حياتهم وكان مماتهم لأجل طهر الثرى ، والبطل الذي ما انثنى ، لمن غابوا من مشهد الوطن الرائع ، وظلوا تزفهم زغاريد الصبايا إلى الفرح الأخير ، فإن عمان مثوى الشهداء ، إن الذين رحلوا من اجل عينيك أحياء عند ربهم يرزقون ، والمحبون الأبديون لا يغادرون الذاكرة ، ومضوا مصابيح الدجى ، كليلة أقمار ، وأنوار ، وتظاهرة عشق على شرف الأرض. كانوا يسهرون في جفن الردى ، والناس نيام ، ويلامسون وجه الوطن بحنو وخشوع ، وعند حبك أوقفوا مشوار العمر ، شاهدين على النهضة ، وأرواحهم تطوف حول حلم لم ينقض عهده. وعمان تحميها المآقي ، وتسورها القلوب ، والى قلبها كل الدروب تقود.

والأردني لا يتوقف عن عشق التراب ، ويبدل روحه بلحظة عز ، فهو الذي يتجلى بالكرامة ، ويكون أول من يهدي للموت نفساً على اثر موقف ، فلا نكث وعداً ، وما صغر قامته ، وما تنكر ، وما انحنى ، وما أعطى الواجب ظهره ، وظل يقف في الصف الأول من أمته ، ويعطي من قلبه الكبير ، ويعيش على أعصابه إن مس الشر عربيا في أي موقع.

هو مهيوب أردني لم يبخل بالحب ، والدم معاً ، وظل يمد روحه في كل الشوارع العربية ، فدم شامخا لا تبدلك الأنواء يا وطني ، وارفع قامة أردنية تعلو فوق الجراح ، وليعلو فقرك فوق ذل الغنى ، فلا انحنت لهم هامة ، وما ذلوا وما وهنوا ، ولاقوا قسوة الأيام ضاحكين.



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات