الحكومة والشارع!

تم نشره الخميس 13 كانون الثّاني / يناير 2011 01:32 صباحاً
الحكومة والشارع!
جميل النمري

هل خافت الحكومة من الشارع؟ وليكن، ما العيب في ذلك؟ لحسن الحظ أن تكون لدينا حكومة حسّاسة لردود الفعل المحتملة، ولا يتعلق الأمر فقط بالاحتجاجات التي كانت متوقعة ليوم غد الجمعة، فقد لا يثير القلق كثيرا دعوة قوى سياسية أو نقابية للتظاهر، لكن بحساب حال الرأي العام والضيق والغضب المتصاعد في الشارع، فللحكومة أن تقلق فعلا وهي لا بدّ تستشعر مباشرة أو تتلقى تقارير حول المناخ السائد.
بالمقابل لم ير البعض أن الحكومة كانت على هذه الدرجة من الحساسية تجاه حال الناس، بل هي مضت غافلة في سياستها حتّى تدخل جلالة الملك الذي استدعى رئيس الوزراء وأمر بإجراءات للتخفيف على الشعب؟! وقد تحدث عدد من النواب أيضا بهذا الاتجاه في المناقشات التي دارت في بداية جلسة الأمس.
في كلا الحالتين، أكان تحت الضغط من فوق أم من تحت، فالمعنى أن الحكومة لم تكن عرّابا أصيلا للقرارات الأخيرة ولا تحسب في رصيدها. ومن وجهة نظري أن هذه مجرد مناكفات، فدوائر القرار ليست معزولة لا عن بعضها ولا عن الشارع، وكان يمكن لأي مراقب أن يقدّر أن الحكومة لا تستطيع أن تتجاهل آثار الارتفاع الأخير للمحروقات، ولدينا نظام سياسي وقيادة متنورة، ولدينا حساسية عامّة تجاه الأمن الاجتماعي تقينا شرّ التدهور إلى وضع من النوع الذي رأيناه في تونس هذه الأيام.
مع ذلك، فإن استخلاصات أوسع ما يزال يتوجب الخروج بها وتتجاوز الإجراءات الطارئة الأخيرة التي تخفف قليلا على الناس، لكنها لا تعالج الأزمة. ومسبقا نعترف أن الغلاء الصاعد له أيضا أسباب موضوعية، فقد نلنا حصّتنا من الأزمة المالية والاقتصادية العالمية ابتداء من العام 2009، فتفاقم العجز وارتفعت المديونية، وهناك آثار قادمة أيضا بفعل الجفاف والفيضانات التي ضربت مناطق رئيسة في العالم ترتفع بسببها أسعار الحبوب وسلع أساسية أخرى، لكن كل هذه العوامل الموضوعية ستكون أخفّ كثيرا لو كانت هناك سياسة اقتصادية داخلية رشيدة.
ففي أوقات السعة كنّا نبالغ في الإنفاق البذخي العام والخاص بصورة معيبة، وفي أوقات الطفرة العقارية راج الفساد الاستثماري ما بين القطاع العام والخاص، وفي التوسع الهائل في سوق الاتصالات فقدت الدولة عوائد ضخمة بقرارات غير مبررة، وكذا الحال في قطاعات تمّ خصخصتها، وفي الأثناء تورمت أطراف القطاع العام بالمؤسسات والرواتب والعقود والإنفاق تحت دعوى معاكسة هي ترشيق القطاع الحكومي! وهكذا وصلنا إلى عجز موازنة هائل ويجب الآن تدفيع المواطن العادي الثمن.
يجب قول الحقيقة بأننا مضطرون لبرنامج تصحيح اقتصادي جديد ومديد لتقليص عجز الموازنة وخفض المديونية، وما نقترحه الآن هو برنامج تصحيح معاكس، وسأذكر واحدا فقط من عناصره بهذه المناسبة، وهو العودة لضريبة دخل أكثر اتساعا وتصاعدية بدل الاعتماد مرّة تلو المرّة وبتوسع مطرد على الضرائب على السلع والخدمات.



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات