الدولة البوليسية في تونس (1-2)

الدولة البوليسية في تونس المعاصرة هو عنوان احد الكتب المهمة التي اصدرها الكاتب التونسي, توفيق المديني عن دار ( المركز العربي الجديد) في بيروت.. ورغم ان الكتاب صادر عام 2001 الا انه كتاب معاصر للغاية وكأنه يتحدث عن تونس قبل فرار الرئيس المخلوع بأيام.. كما سبق للصديق توفيق المديني ان اصدر اكثر من كتاب حول تونس ابرزها (ازمة البرجوازية في تونس)..
ويلخص الكتاب المشهد التونسي في المحطات التالية:-
اولا: بالنسبة للرئيس المخلوع , فهو من بلدة سوسه وقد ولد في اسرة فقيرة ولم ينل شهادة الثانوية العامة, لكنه تطوع في سلك الجيش وحصل على دورة تدريب في فرنسا 1956 ثم في مدرسة للاستخبارات في الولايات المتحدة حيث عين بعدها مديرا للامن العسكري 1958 ثم للامن الوطني 1977 ثم سفيرا في بولندا 1981 حيث وضع في خدمة المخابرات الغربية اثناء الازمة البولونيه قبل ان يستدعى لقمع ثورة الخبز في بلاده عام 1983 وظل يصعد حتى صار وزيرا اولا 1987 ثم انقلب على بورقيبه (شبه الميت) في السابع من نوفمبر .1987
ويؤشر الكتاب على ان الرئيس المخلوع كان يحظى بدعم العديد من اجهزة المخابرات الفرنسية والامريكية والايطالية اضافة لعلاقات خاصة مع العقيد القذافي, وكانت تربطه علاقات مميزة مع مدير المخابرات الايطالية المقرب من الموساد الاسرائيلي مما اثار تساؤلات حول دوره في اغتيال الزعيم الفلسطيني ابو جهاد عن طريق الموساد 1985 .
ثانيا: بالنسبة للحزب الدستوري الحاكم فقد تأسس هذا الحزب عام 1920 على يد عبدالعزيز الثعالبي كحزب ليبرالي بنزعات عروبية - اسلامية لكن الجيل الجديد سرعان ما انقلب على هذا التوجه لصالح الفرنسيين وكان بورقيبه اكبر ممثلي هذا التوجه الذي سرعان ما اصطدم مع رفاقه والمقربين منه الواحد بعد الآخر, مع صالح بن يوسف ثم مع احمد بن صالح الذي اخذ الحزب نحو رأسمالية الدولة وغير اسمه الى الحزب الاشتراكي.. ووصل خلاف بورقيبه مستويات اخرى مع ابنه المحسوب على الامريكان ثم مع زوجته الوسيله بن عمار التي استعان عليها بابنة اخته وبزين الدين بن علي قبل ان ينقلب الاخير عليه ويأخذ تونس الى رأسمالية السوق ويغير اسم الحزب الى التجمع الدستوري الديمقراطي.
ثالثا: الدولة البوليسية, وقد ترسخت على هذا النحو في عهد زين الدين بن علي وكانت تدار من قبل البوليس السري (DST) الذي كان يسيطر على الاعلام والحزب والنقابات اضافة لاحتكار العمل السياسي ودمج البرجوازية الكبيرة والمافيات بالدولة واجهزتها وقد تمكنت هذه الدولة من تغطية الانتهاكات الرهيبة لحقوق الانسان فيها بترويج نفسها اوروبيا وامريكيا كحامية للعلمانية وتحرير المرأة من الاصوليين رغم ان المزاج العام في تونس كان اقرب الى الاسلام الليبرالي.(العرب اليوم)
mwaffaq.mahadin@alarabalyawm.net