من أين تستمد الخطابات شرعيتها ؟

على غرار خطاب الرئيس المصري, الاسبق, انور السادات, عندما اتهمم الجماهير الفقيرة الثائرة, بالرعاع والغوغاء, كرر رئيس تونس المخلوع في خطابه الاول بعد الانتفاضة اقوال سلفه واتهم الجماهير بالاعتداء على الممتلكات العامة وتهديد الامن الوطني والمصالح العليا, وتنفيذ اجندة خارجية.. وقد قتل الاول, فيما تم خلع الثاني.
وتبين ان الاعتداء على الاملاك العامة اكبر من حرق سيارة او بقالية في القاهرة وتونس ويساوي سرقة وطن بكامله من الموارد والاراضي والمال العام واغراق البلاد بالديون.
كما تبين ان من يهدد الامن الوطني ليس مجموعات من المحتجين والمعارضين بل سياسات الفساد والاستبداد وتحطيم الطبقة الوسطى وسياسات الضرائب المفروضة على الطبقات الشعبية لصالح الحيتان والسماسرة اضافة لترويض المعارضة وتزوير الارادة العامة بقوانين وانتخابات غير دستورية وفتح البلاد امام المافيات.
اما الذين ينفذون الاجندة الخارجية, فليس المعارضة والجماهير الفقيرة, بل اولئك الجنرالات والاكاديميون ومن في حكمهم ممن تربى عند الاجهزة الامريكية والفرنسية وصاروا رؤساء بفضل هذه الاجهزة.
وفي كل الاحوال, فالمسألة برمتها مرتبطة بسؤال غائب من اين تستمد الخطابات السياسية شرعيتها وهل تكفي الخطابات الرسمية لهذا الجنرال او ذاك لاكتسابها لمجرد انه هو الحاكم بأمره, فيصبح اللص والمارق قيما على معايير الشرف والامانة والامن والمصالح العليا.
في البلدان الديمقراطية المعروفة بفعل حقيقي للسلطات تلعب السلطة القضائية دورا حاسما في تحديد هذه المعايير واضفاء الشرعية على اي خطاب انطلاقا من توافق تاريخي على عقد اجتماعي ودستوري فوق الجميع وبدون ذلك وقبل ذلك, تدور المعايير والمصالح الوطنية على الهوى الرسمي للانظمة السائدة.
(العرب اليوم)