نحتاج إلى "وصفة جديدة"

تم نشره الثلاثاء 25 كانون الثّاني / يناير 2011 12:51 صباحاً
نحتاج إلى "وصفة جديدة"
محمد أبو رمان

تختزل المظاهرات والمسيرات والمناقشات الجارية المطالبات الشعبية بأهداف محددة: رحيل الحكومة الحالية، وحل البرلمان، والدعوة إلى حكومة إنقاذ وطني، مع وجود غموض في مفهوم الإنقاذ الوطني، ودلالات متعددة ربما تكون مختلفة حتى داخل الأوساط المعارضة نفسها.

لم تخدم جملة الاستدارات الأخيرة، سياسياً واقتصادياً، الحكومة كثيراً في تحسين شعبيتها، بالرغم من القرارات "الشعبوية" التي اتخذتها مؤخراً، بخلاف خطابها المعلن، وبذريعة الظروف الاستثنائية الحالية، وكأنّ المرحلة السابقة كانت أفضل حالاً من الناحية الاقتصادية!

في المقابل، فإنّ السؤال الرئيس برسم الإجابة من المعارضة والنخب السياسية في البلاد هو: أي مشروع مغاير يقدم لنا حلولاً ورؤى مختلفة عن المسار الحالي؟

صحيح أنّ الحكومة، بنسختيها الأولى والثانية (قبل الانتخابات وبعدها)، ارتكبت أخطاءً كبيرة في إدارة الأزمات السياسية، ولم تحسن بناء رسالتها الإعلامية، ولا الوصول بصورة صحيحة إلى الرأي العام، وأخذت منحى اقتصادياً ليس موضع اتفاق.

وثمة ملاحظات وانتقادات وتساؤلات كبيرة حول ملفات بارزة. لكن، على الطرف الآخر، لا يجوز إنكار أنّ الحكومة، بدورها، جاءت على تركة ليست أفضل حالاً، وتراكمات وإحباطات لدى الشارع، تمثل حصاد سنوات طويلة وليس سنة واحدة أو سنتين.

ما يُطرح حالياً (لدى البعض) بالعودة إلى المدرسة التقليدية في السياسة الأردنية لاستثمار قدرتها في الخطاب السياسي والحضور في الشارع، ليس حلاّ أيضاً، فقد كانت هذه المدرسة شريكاً فيما وصل إليه الوضع الراهن، تحديداً في المجال السياسي، إذ لم تخطُ أي خطوة باتجاه الإصلاح أو تحسين شروط المعادلة السياسية، وكانت جزءاً من ماكينة تبريرية تخوّف من الإصلاح السياسي البنيوي المطلوب.

أما اقتصادياً، فنحن بحاجة إلى أجوبة استراتيجية وعملية في مواجهة المديونية والعجز بقدر كبير من التوازن الاقتصادي، لكن ليس على حساب الاقتصاد الوطني، ولا العودة إلى الوصفات القاسية لصندوق النقد الدولي، إذا ما جاءت حكومة مقبلة وقامت بترحيل الأزمات مرة أخرى.

على الجهة الأخرى، فإنّ المدرسة الاقتصادية أيضاً ليست أفضل حالاً، فقد باعتنا الأوهام وجاءتنا بوصفات أرهقت الاقتصاد الوطني، وها نحن نعود الآن نتحدث عن عجز ومديونية في مرحلة الخطر، و"قرارات صعبة" على حساب المواطنين بالطبع.

عند هذه القضية، تحديداً، فإنّ الغضب الاجتماعي يتجاوز الظروف الاقتصادية المريرة إلى ترسّخ شعور لدى النخب السياسية والمثقفة، التي تحرّك الشارع، بأنّ المواطن يدفع ثمن الفساد وليس حماية الاقتصاد الوطني. لذلك، فإنّ امتصاص غضب الشارع يكمن برفع راية "من أين لك هذا؟"، وإطلاق يد مكافحة الفساد لمساءلة المسؤولين والسياسيين عن الإثراء السريع الفاحش، واستعادة أموال الدولة.

حتى لا نبقى ندور في الحلقة المفرغة نفسها، فإنّ ما نبحث عنه أولاً، قبل حديث (عن تغييرات) يستهلك وقت الجميع وجهودهم، أنّ النقاش الأهم يكمن في "الوصفة الاستراتيجية": ما هو تصورنا للمرحلة المقبلة، سياسياً واقتصادياً (ماذا نريد)؟ هل لدينا مشروع واضح مختلف لمواجهة الاستحقاقات السياسية والمشكلات الاقتصادية؟

المسألة، إذن، مرتبطة بالسياسات العامة أولاً، ثم تأتي تسمية الشخصيات في سياق الإيمان بهذه الرؤية أو تلك، وهذا يجعل من أي تغيير مطلوب نقطة تحوّل حقيقية، وليس (فقط) تدويراً في الأسماء لكن مع السياسات والمخرجات نفسها!(الغد)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات