الانظمة امام خيارين.. الاصلاح او القمع

تم نشره الخميس 27 كانون الثّاني / يناير 2011 02:04 صباحاً
الانظمة امام خيارين.. الاصلاح او القمع
طاهر العدوان

يقتضي منّا ان نُسلّم, بعد ثلاثاء الغضب في مصر, بان الثورة, او الانتفاضة في تونس تنشر تأثيراتها في الشارع العربي من المحيط الى الخليج, ولا اذكر منذ رحيل جمال عبدالناصر ان ثورة حَرّكت وجدان الانسان العربي كثورة تونس, فهناك تيارات عارمة ومحتدمة تحتشد الآن تحت السطح في المجتمعات العربية تفصح عن نفسها في مظاهرات واحتجاجات ومطالبات يومية وهي تتجه نحو اهداف وشعارات تبدو وكأن الشارع العربي كله يلتقي عليها ويلتف حولها, مثل التغيير والاصلاح ومحاربة الفساد ووقف الاستبداد واطلاق الحريات العامة. بما يُذكّرنا بايام مطالب الوحدة والحرية في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي.

بات واضحاً, بشكل مفاجئ ومثل شروق الشمس, بان (الليل بدأ يرحل) عن اجزاء واسعة من العالم العربي, لقد تهاوى الاعتقاد الشائع بان الشعوب استسلمت وارتمت في احضان الانظمة التي انتهجت على مدى عقود من الحكم الفردي سياسة احتقار مواطنيها وتجاهل مطالب الاصلاح ونشر الديمقراطية واصلاح الحريات, اسوة بشعوب الارض, التي بعضها, او كثير منها لم يصل التعليم والوعي فيها المستويات التي وصلت اليها الشعوب العربية.

ومن غير المعقول, بعد الحدث التونسي المجلجل الاعتقاد بان (الانظمة الامنية) واساليب قمع الحريات وكبت انفاس الشعوب يمكن ان تحيا وتستمر في القرن الحادي والعشرين, فالسيد المطلق الذي يظن ان شعبه طوع بنانه يرتمي تحت اقدامه واقدام بطانته الفاسدة بات ظاهرة غريبة وشاذة في عصر ما بعد الحداثة, والعولمة, وثورة المعلومات وتقدم مطالب حقوق الانسان في المجتمع الدولي على اية مطالب ونظريات اخرى, مثل مهازل قوانين الطوارئ, وشعار (لا صوت يعلو على صوت المعركة) ونظريات القائد الملهم, ومصادرة الحريات بدعوى التصدي لمؤامرات الامبريالية والصهيونية.

من المؤلم المحزن, ان انظمة الاستبداد في العالم العربي فعلت بشعوبها ما لا يمكن للعدو ان يفعل بها. لقد اهلكت روح العزة والكرامة عند الانسان العربي, وفي ظل الشهوة المريضة للسلطة المطلقة تعاملت مع شعوبها بروح عنصرية تمييزية, عندما زعمت بان العرب ليسوا ناضجين بعد لممارسة الحرية والديمقراطية والمشاركة في اتخاذ القرارات المصيرية.

لا شيء ابدا يكافئ الحرية عند الانسان ... العرب بَشَرٌ مثل باقي الخلق واذا كان من حقهم المطالبة بالامن والغذاء, فان ما هو حق مقدس المطالبة بالحرية وممارستها قولا وفعلا, لقد اخترعت الانظمة قوانين الاستعباد حتى اصبحت الحرية والخبز محتكرين لحفنة محدودة حاكمة في حين ان الاغلبية مطحونة ببؤس العيش وفقدان الاحساس بالمواطنة والكرامة.

امام الانظمة خياران: الاصلاح او القمع. فاذا أختير الاصلاح فان اول من يقطف ثمار الحرية السياسية هم الحكام انفسهم, فالحرية كما عرّفها رئيس برازيلي سابق (بانها التي تسمح لرئيس الجمهورية عند انتهاء فترته الرئاسية بان يأخذ حقيبته ويعود الى منزله يمارس حياته في وطنه بأمان) الحرية اذا وصفة العصر وطريق الخلاص للنظم الديمقراطية وشعوبها, اما القمع فاقرب ما ينطبق عليه المثل القائل: (مثلما زرعت تحصد).العرب اليوم

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات