الاحتواء لا يكفي

تم نشره السبت 29 كانون الثّاني / يناير 2011 01:08 صباحاً
الاحتواء لا يكفي
محمد أبو رمان

استمرار المسيرات والمظاهرات في الشوارع العربية يؤكد أنّ اللحظة التونسية لم تكن ومضة عابرة، وإنما نقطة تحول تاريخية تعلن بداية مرحلة جديدة في المشهد السياسي العربي الداخلي والإقليمي.

"استجابات" مطابخ القرار العربية لهذه اللحظة تبدو متباينة تماماً من دولة لأخرى، إذ دخل النظام المصري أمس في صدام مع الشارع بصورة مباشرة وحادّة، واضطر إلى قطع خدمات الانترنت والهاتف المحمول، والتشويش العلني على الإعلام، ومنع قطاع النقل العام عن مناطق حيوية في القاهرة، وإلغاء مباريات كرة قدم من الدوري المصري، ثم حظر تجول عام (حتى كتابة هذا المقال) في استنساخ كاريكاتوري لما قام به نظام زين العابدين قبيل الانهيار.

الشارع العربي اليوم ليس هو شارع الأمس، تلك هي الحكاية. وقد التقط الأردن المؤشرات بسرعة وتعامل بذكاء مع الموجة الجديدة، واستطاع أن يحتوي الموقف فلم نشهد مواجهات كتلك التي حدثت في عواصم عربية مختلفة.
الحالة الأردنية لها خصوصيتها، بكل تأكيد، وهنالك مرونة أوسع وأكثر قدرة على التعامل مع المزاج الاجتماعي، وهو ما يمكن ملاحظته بوضوح خلال الأيام الماضية من رسائل وإشارات متعددة تؤكد على تعاطٍ مختلف عن الطرق العربية الأخرى.

ذلك صحيح، لكن ما ينبغي أن يكون مدركاً تماماً أنّ القضية اليوم ليست في احتواء لشحنات غضب شعبية عابرة، وتجنب الصدام معها، نحن أمام متغيرات أكبر من ذلك بكثير، وإحداثيات لمرحلة مختلفة، تتطلب تطوير مقاربة الاحتواء نحو التحضير لمرحلة مقبلة عنوانها إصلاحات سياسية بنيوية حقيقية.

الإصلاح البنيوي اليوم هو المفتاح الحقيقي لحماية الاستقرار السياسي والدولة، والمرحلة الجديدة تتجسّد من خلال انفتاح وحوار سياسي وتفاهم على مرحلة مختلفة تماماً عنوانها قانون انتخاب جديد وشخصيات سياسية لديها الكفاءة والمصداقية تقود السفينة نحو مواجهة أكثر عمقاً وذكاءً للتحديات والمشكلات التي انفجرت خلال السنوات الأخيرة.

لقاءات الملك مع مجلسي الأعيان والنواب مؤخراً لم تُبق حيلةً لدى التيار الرسمي المعارض للإصلاح، سواء في الحديث عن قانون الانتخاب أو قانون الاجتماعات العامة أو حتى  فتح ملفات الفساد الكبرى أو إطلاق الحريات العامة في البلاد.

ثمة تأكيدات رسمية من مراجع متعددة في اللقاءات المصغّرة على وجود نوايا حقيقية وجادة للإصلاح الشامل ما يستدعي وجود انعكاسات واضحة لهذه النوايا على أرض الواقع.

وجود شخصية محترمة لها حضورها السياسي والشعبي ومصداقيتها لدى الشارع ومواقفها الجريئة المعلنة في الإصلاح، وقبولها من مختلف القوى السياسية، كطاهر المصري، على رأس مجلس الأعيان يساعد على التمهيد مع القوى الأخرى لمرحلة مقبلة مختلفة تعبر في البلاد هذا المنعطف الحسّاس وهذه اللحظة الدقيقة.

خلال الأيام السابقة، لعب المصري دوراً كبيراً بتصريحه المعتبر وحواراته مع المرجعيات العليا والقوى المختلفة في احتواء الموقف، والإنصات للرجل خلال هذه الأيام سيساعد كثيراً على تحديد الأولويات المطلوبة.(الغد)

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات