ربع مليار اشارة تعجب

تم نشره الأربعاء 02nd شباط / فبراير 2011 01:49 صباحاً
ربع مليار اشارة تعجب
خيري منصور

 قبل اكثر من ثلاثة عقود كتب الراحل صلاح عبدالصبور قصيدة يقول فيها:

هذا زمن الحق الضائع

فتحسس رأسك..

يومها لم يكن العرب قد بلغوا ارذل الشعر والعمر معا ، لكن رائحة هذا الزمن كانت تتسرب عبر التقاويم الى انوف معافاة لم يصبها الزكام الفكري ، ورغم كل الاجراس التي قرعت بقيت الآذان الصماء.. ففي اليمنى منها طين وفي اليسرى عجين ، الى ان تفاقم الحال وانفجر المكبوت المزمن ولم ينحُ من عدواه حتى من تلقحوا بدراهم الوقاية ، لانهم رأوا الواقع من حولهم بعين واحدة ، فدفعوا الثمن الذي غالبا ما يدفعه الديك الاعور،،.

الحكاية الآن ابعد من التونسة والتمصير ، فهذه ليست وصفات نموذجية الا بالقدر الذي حقق فيه العرب وحدة سلبية جعلتهم متشابهين في الفقر والكبت وحين سألني مذيع في احدى الفضائيات الداجنة قبل اسابيع عن الوحدة العربية قلت له: انها قائمة ومتحققة لكن على نحو معكوس فنحن العرب نتنافس على ادنى متوسط دخل وادنى متوسط عمر وادنى متوسط مرتبة اكاديمية او نسبة ابحاث علمية واعلى منسوب للفساد.. لكن المذيع حجب الكلام وادار ظهره لانه يرى ان هناك استثناء واحدا على الاقل هو النظام الذي يخدمه ويسبح بحمده على مدار الساعة،.

قبل اكثر من ربع قرن تحول لبنان الى امثولة حولت اسمه الى مصطلح هو اللبننة وسرعان ما تحولت الامثولة الى مجرد مثال متكرر.. واصبح من الممكن اشتقاق مصطلحات مثل العرقنة والسودنة واليمننة والتونسة والجزأرة الى آخر الخريطة.

بامكان العرب ان يواصلوا التعامي عما هم فيه وبامكانهم ايضا ان يستخدموا الاسبرين او كمادات الماء البارد لمعالجة ورم خبيث ، لكن عليهم ان لا يفاجأوا بتفاقم الداء عندما يجف حتى نخاعهم وتصاب شرايينهم كلها بالتصلب ويسقطون تباعا بالسكتة القومية.

ما يتردد الآن في العالم العربي هو انه ما من احد على رأسه ريشة او بونديرة كما كان يقول اسلافنا وشركاء التأمين السياسية الدولية والاقليمية لا تقدم لأحد بوليصة تأمين لانها تشترط ككل شركات التأمين فحص حالته الصحية ومعرفة عمره وتاريخ امراضه.

من التونسة حتى التمصرة ثمة مشاهد لا سبيل لاشاحة الوجه عنها ، من يعرف السبب في اية مسألة يبطل عجبه لكننا كعرب مصرون على ان نتحول من ربع مليار نسمة حسب مصطلحات الديمغرافيا الى ربع مليار اشارة تعجب ، ورغم ان اسباب ما جرى وما يمكن ان يجري على الوتيرة ذاتها او بشكل اخر يضيف تنقيحا لتلك الطبعات واضحة ولا تحتاج الى فلاسفة وعلماء نفس واجتماع.. والعرب الذين يفرطون في شرب الشاي والقهوة هم الادرى اكثر من سواهم بما يفعله الغليان بغطاء الابريق وكانوا اجدر من غيرهم باكتشاف الآلة البخارية.

ان من ضربوا عرض الحائط بمواعظ الاصدقاء والصادقين دفعوا الثمن. لانهم طربوا ورقصوا على المدائح المدفوعة الاجر وهذه هي المرة الالف التي نتذكر فيها ذلك الرجل المسكين وصاحبه الدب ، الذي رمى الذبابة وهي تحوم على انفه بحجر فقتله ، وفرت الذبابة عائدة الى قواعدها على النفايات او الخبث سالمة!.

الآن لا مجال للتحايل على المريض العربي فقد انتهت صلاحية الاسبرين ونُذُر الداء العضال تنعق في الآفاق!!.(الدستور)

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات