دموع تل ابيب على مبارك

لم يبق للرئيس مبارك اي شرعية في مصر ، منذ اللحظة التي تم قتل المئات فيها ، وجرح الالاف ، وهاهي المذبحة في مصر تتواصل ، دون ان يوقفها احد ، بل تتم تغذيتها عبر البلطجية والمخبرين ومنتسبي الاجهزة.
الرئيس مبارك قال بشكل واضح في خطابه انه سيموت في مصر ، ومعنى كلامه انه لن يغادر مخلوعاً على طريقة "زين الهاربين" في تونس ، وهاهو ايضاً يصر على البقاء ، لاعتبارات امريكية واسرائيلية اولا.
واشنطن وتل ابيب ليس من مصلحتهما مغادرة مبارك ، لان سؤال الوريث الذي سيرث مصر هو الذي يقلقهما ، وهاهم اصدقاء اسرائيل في المنطقة يتساقطون الواحد تلو الاخر ، من الرئيس التونسي الى الرئيس المصري.
اذا كانت المعلومات تتحدث عن ثمانية ملايين مصري يهتفون ضد مبارك ، ولو افترضنا ان خلف كل متظاهر اسرة من عشرة افراد ، يتضامنون معه ، فهذا يعني ان ثمانين مليون مصري لايريدون مبارك.
رغم كل هذا المشهد ، يبقى مبارك.ليس لانه لايسمع كلام المصريين ، ولايعرف الموقف على الارض ، ولايحاول زج مصر في مذبحة كبرى ، بل لان عواصم اقليمية ودولية ، لاتريد للنظام المصري ان يسقط ، لان في سقوطه ، فتحا لباب كل الاحتمالات.
على مايبدو ان الرئيس لن يخرج الا بعد ان تحترق مصر ، او بعد ان يتأكد ان النظام الوريث هو من ذات طينة نظامه ، وهذه هي المكاسرة الدولية والاقليمية التي تجري في مصر ، لان الذعر يتعلق بمن سيحكم مصر ، بعد مبارك.
تل ابيب المذعورة تخاف على امنها ، وعلى معاهدة السلام ، وهي تعرف ان سقوط النظام المصري ، وتسليم مصر لاحتمالات اخرى ، خارج منظومة الحكم الحالي ، بما فيها قدوم الاسلاميين ، او اي حكم وطني ، يعني مخاطر كبرى على اسرائيل.
لايمكن لرئيس دولة عاقل ، او نصف عاقل ، ان يبقى في الحكم اذا كانت كل الملايين تهتف ضده.كل القصة تتعلق بكون مبارك يلبي مطالب اسرائيلية وامريكية ترى في خروجه خسائر جسيمة ، خصوصاً ، في ظل عدم وجود ضمانات باستمرار ذات النظام برأس آخر.
سقطت شرعية مبارك ونظامه بعد سقوط كل هؤلاء الشهداء والجرحى ، والحكم الذي غطس في الدم ، لايمكن ان يستمر ، وكل مانخشاه ان تعمد اطراف دولية واقليمية الى مخطط تقسيم مصر ، واضعافها وتهديمها من الداخل ، اذا اكتشفت ان بدائل النظام الحالي ، خطر عليها.
للنظام المصري الحالي دور كبير في تحطيم البنية الشعبية المصرية ، وفي خنق الحركات الاسلامية المقبولة ، والمتشددة ، وفي تأمين حدود اسرائيل ، وفي خنق غزة ، وابادة حركة حماس ، والدور الوظيفي للنظام هو الذي تهلع لاجله تل ابيب وواشنطن.
كلمة السر التي قيلت من واشنطن:نريد انتقالا سلميا للسلطة.ماخلف كلمة السر ان واشنطن تريد استمرار المنظومة وطبيعة النظام ، ولايهمها شخص الرئيس بقدر استمرار سياسات النظام عبر رئيس اخر.
لانها لاتضمن ذلك ، ترتجف تل ابيب وواشنطن ، لان هدم النظام كاملا ، وتسليم مصر لكل الاحتمالات ، يعني خطراً كبيراً على اسرائيل ، ويعني ان رياح التغيير ستهب على دول عربية كبرى.
لاتستغربوا دموع تل ابيب على مبارك ، فهي ليست على شخصه ، بل على دوره الوظيفي ، وكل مايريدونه اليوم ، هو توريث النظام لشبيه آخر ، وهنا مربط الفرس ، فإن لم تتم ضمانة ذلك ، فسيتم حرق مصر ومن فيها.
هل للنظام المصري اي شرعية ، بعد جر الشعب المصري الى مذبحة دموية ، وهي مذبحة تأتي كرمى لعيون اسرائيل ، التي قررت ان النظام اذا سقط ، فيجب ان يتبعه سقوط كل مصر في الخراب.(الدستور)