المطلوب معروف والوقت ضيق

ذهبت حكومة الرفاعي وجاءت حكومة البخيت، والفرق بين الحكومتين كبير، لأنه يتعلق بتشخيص المشكلة الذي يقرر أسلوب العلاج.
الحكومة السابقة قبلت نظرية أن الاحتجاجات الشعبية تعود لأسباب اقتصادية ومعيشية في مقدمتها ارتفاع الأسعار وانخفاض الدخول والبطالة، فجاءت بحلول اقتصادية واجتماعية عالية التكاليف على الموازنة، ولكنها تخفف مؤقتاً من وطأة الغلاء والبطالة وتدني الرواتب والأجور.
الحكومة الجديدة لا تستطيع أن تتراجع عن تنازلات الحكومة السابقة التي أصبحت حقوقاً مكتسبة، ولكنها ترى أن الاحتجاجات لا تعود لأسباب اقتصادية فقط بل سياسية أيضاً، أهمها عدم الرضى عن: قانون الانتخاب، مستوى الحريات العامة، الجدية في محاربة الفساد ، التقدم باتجاه الديمقراطية الحقيقية، الالتزام بالدستور ، وعدم الثقة برجال الأعمال وأصحاب المصالح في مواقع المسؤولية.
القرارات الاقتصادية والإدارية يمكن أن تتخذ على مستوى الحكومة، أما الإصلاحات السياسية فلا تتخذ إلا على مستوى الحكم. ويبدو واضحاً أن الإرادة متوفرة والإجراءات المطلوبة معروفة، كما حدث في عهد حكومة فيصل الفايز، التي جاءت كحكومة إصلاح سياسي فأسست وزارة للتنمية السياسية، ثم انتكست في منتصف الطريق بدعوى أن الإصلاح الإداري له الأولوية، فلم نحصل لا على الإصلاح الإداري ولا على الإصلاح السياسي. بل على وزارة للتنمية السياسية ما زالت قائمة حتى اليوم.
إذا صح أن عدد أعضاء الأحزاب اليسارية والقومية والإسلامية لا يزيد عن 2% من أبناء الشعب فهذا لا يقلل من قيمتهم، فالناشطون السياسيون في أعرق البلدان الديمقراطية لا يزيدون عن هذه النسبة، وهذه الأحزاب تستحق كوتا للقوائم النسبية، على أن تتوسع تدريجياً في المستقبل، وقد جاءت الأجندة الوطنية بصيغة معينة يمكن الرجوع إليها.
في علاج المشكلة الاقتصادية ليس هناك مجال للمزيد من الإجراءات التي قامت بها الحكومة السابقة، أما في علاج المشكلة السياسية فيستطيع الرئيس الجديد أن يعود إلى خطاب التكليف وإلى محاضراته ومقابلاته الصحفية والتلفزيونية حول عملية الإصلاح السياسي التي قد تكون السبب في تكليفه بالمسؤولية.
يتوقف الكثير على نجاح هذه الحكومة، ومن حقها أن تأخذ فرصة، وهي تعرف أن الوقت ضيق.الرأي)