الحزن والوفاء والخروج من المأزق!

وتمر الذكرى الحزينة, وصورة النساء والاطفال على باب المدينة الطبية يصلون ويبكون وتختلط دموعهم بالمطر الغزير.. حزناً على حسينهم الذي اسلم الروح الطاهرة على أرض الوطن!! ويرفض الرجال بالتثامهم للكوفية الحمراء, الخبر بفقد من ولدوا, وكبروا وصورة الحسين في بيوتهم تظللهم بالطمأنينة والسلام, فقد كان لنا جميعاً الأخ والأب والابن!!
مات الملك عاش الملك, فالصورة تتكامل بالقسم في مجلس الامة للشاب الجميل الطالع من قواتنا المسلحة, وبجنازة لم يشهد العالم لها مثيلاً.. فوراء النعش سار رؤساء وقادة العالم الذين عرفوا الحسين داعية سلام, وبطل حرب.. وتعرفوا الى البلد الذي بناه وللوفاء الذي احاطه به شعبه, وشدوا على يد القائد الخليفة عبدالله الثاني, احتراماً ودعماً وتأييداً!!
في الذكرى الثانية عشرة التي مرّت وكأنها الامس نجدد أحزاننا على فقد الحسين. ونستبشر بعبدالله, وبلدنا محاط بالاضطراب واليأس والاحباط.. والحال لم يتغير كثيراً, فقد كان بلدنا طيلة نصف قرن أو يزيد, وهو يرد عن حياته موجات الديكتاتورية العسكرية, والتطرف, وتداعيات الهزائم والكوارث.. وما يزال, فالوطن الصغير كبر بالمآسي, ونما بالاوجاع القومية, وقدم نفسه للأمة والمنطقة نموذجاً للصبر والجلد والقوة!!
وفي ذكرى الوفاء للراحل, والبيعة للقائد الشاب, يبحث الباحثون عن طريق للخلاص من مجموعة المآزق التي تواجهنا, دون أن ينظروا الى مواقع أقدامهم. فإن علينا أن نعترف أولاً بأن الصعوبات هي من صنع أيدينا, وبأن التعثر ناتج عن خروجنا من المسيرة التي اجتزنا بها صعاب نصف القرن الماضي. فهذا الوطن بناه:
- المخلصون.
- العفيفو اليد.
- الشجعان.
- الطالعون من رحم شعبهم.
ولم يبنه حملة شهادات هارفرد, وكمبردج وبيل وأوكسفورد. وسقط قادته في نجيع الدم: عبدالله المؤسس, وهزاع, ووصفي, وابراهيم هاشم.. ومئات شهداء العسكر صانعو باب الواد واسوار القدس والكرامة!!
لم تتغير قواعد الحكم في بلدنا والعالم, لكننا صرنا نخلط القيادة بالشهادات الدراسية. ونهرب من القرار الوطني, وننسخ في نهجنا شوائه التجارب الغربية والشرقية, ولهذا كثر الخراب في أسس البناء الوطني, وعمّ الفساد!!
ندعو الباحثين عن المخارج للأزمات القائمة الى:
- قراءة تاريخ الاردن الحقيقي.
- الى استلهام نهوض شعبهم وروحه الوثابة.
- فهم ما يجري في هذا العالم. فإن ما يسمى بالقوى الكبرى ليست الا قوى استبداد واستعباد ونهب وسلب!!(الراي)