بيان رقم (1)

تم نشره السبت 12 شباط / فبراير 2011 03:52 صباحاً
بيان رقم (1)
باسم الطويسي

مع صدور البيان رقم (1) عن المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية، دخلت الثورة الشعبية المصرية منعطفا حادا في ضوء استمرار التماسك الشكلي لبنية النظام، مقابل الإصرار والعناد الشعبيين المنقطعي النظير، ما يجعل خيار الانقلاب العسكري أو وضع البلاد في عهدة الجيش مسألة وقت لا أكثر، بل ومطلباً أساسيا في نهاية النهار للثورة ودعاة التغيير.

توجد حسابات ذات حساسية عالية لتدخل الجيش، وحتى لو تم الأمر تحت عناوين ضمان المرحلة الانتقالية، لكن التخوف الحقيقي بأن المرحلة الانتقالية قد تقود البلاد إلى حالة غير متوقعة من الطوارئ (رغم ما تضمنه البيان رقم (2)) وربما التدخل الأجنبي، وبالتالي نهاية الربيع المصري مبكرا، تحت طائلة اعتبارات لن يجد الشارع المصري أمامها سوى التعايش مرغما مع طوارئ أخرى.

تبدو الثورة الشعبية المصرية قد قلبت بالفعل كل معتقداتنا التقليدية عن قدرات الشارع العربي، كما تفاجئ كل اليوم العالم بالإصرار والعناد والقدرة على العمل على أرض ساخنة، بعدما كدنا نصدق المقولات التي طالما أغرقتنا بها الدراسات والتقارير الغربية والتي اشغلتنا بالبحث في حفريات عن أسباب ثقافية تجعل هذه الشعوب أقل قدرة على استيعاب الديمقراطية أو حتى التعبير الحر عن إرادتها. العامل التحليلي الذي يغيب عن قراءة الحالة المصرية الراهنة هو العامل الخارجي. فحالة الترقب الحالية من قبل الدوائر الخارجية لن تستمر طويلا، وبالطبع ليس على طريقة الرئيس مبارك الذي راهن في خطاباته الأخيرة على استعادة تعبئة الشارع تحت مقولة عدم رضوخه للإملاءات الخارجية تارة أو اتهام الثوار بالعمالة للخارج وبمقولات دعائية بائسة.

الثورة المصرية الجديدة تعيدنا إلى ثورة عرابي في العام 1881، والتي أشعلها الجيش بتحالف نادر مع الشعب بكافة طوائفه وفئاته ضد الخديوي توفيق بسبب سوء الأحوال الاقتصادية، والتدخل الأجنبي في شؤون مصر والشعور الحاد بضرب الكرامة الوطنية، وطالبت بإقالة الحكومة وإصلاح أحوال الجيش وتأسيس مجلس شورى النواب. ولعل من المفيد الربط بين مطالب الكرامة في الثورتين التي تبدو في الحوار التاريخي بين عرابي والخديوي حيث رد الأخير على مطالب الثورة قائلا: "ورثت ملك هذه البلاد عن آبائي وأجدادي، وما أنتم إلا عبيد إحساناتنا". ورد عرابي عليه: "لقد خلقنا الله أحراراً، ولم يخلقنا تراثاً أو عقاراً، فوالله الذي لا إله الا هو إننا سوف لا نُورَّث، ولا ولن نستعبد بعد اليوم". وفي نهاية اليوم حصلت الثورة على كل مطالبها، ولكن مع فجر اليوم التالي قادت هذه التطورات إلى احتلال مصر من قبل الانجليز.

الفراغ في الحالة المصرية الراهنة يتمثل في تعدد رؤوس الثورة، وغموض الخطة البديلة وما تحتاجه من إجراءات على الأرض، ثم احتمالات اليوم التالي الواسعة المفتوحة على كل شيء، في ضوء تداعيات اقتصادية صعبة منتظرة، وتداعيات أمنية قد تصل إلى تدخل إسرائيلي في سيناء.

الحكمة التاريخية المنتظرة تحتاج إلى تبلور كتلة وطنية تتمأسس داخل المؤسسات الموجودة، وهي مهمة لا تنتظر.(الغد)

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات