عندما تدخل «المشيخات» ودور الإفتاء على الخط ؟!

تم نشره السبت 12 شباط / فبراير 2011 03:59 صباحاً
عندما تدخل «المشيخات» ودور الإفتاء على الخط ؟!
عريب الرنتاوي


في توقيت متزامن ، تحركت مشيخة الأزهر ومفتي المملكة العربية السعودية ودار الإفتاء في لبنان ، ودخلت على خطوط الصراع الممتد من ميدان التحرير وحتى قلب بيروت ... المشيختان ، المصرية والسعودية ، توحدتا خلف نظام الرئيس حسني مبارك المنبوذ...فيما دار الإفتاء اللبنانية تحولت إلى منصة يشن من فوقها رئيس الوزراء السابق ، سعد الحريري هجومه المضاد على قوى الأغلبية الجديدة ورئيس الوزراء المكلف (السني أيضاً) نجيب ميقاتي.

مشيخة الأزهر أصدرت فتوى حرّمت فيها المشاركة في المظاهرات ، ومن على قاعدة عدم جواز الخروج على أولي الأمر...شيخ الأزهر يتصرف كما لو كان وزيراً في حكومة الفريق أحمد شفيق ، أو عضواً في المكتب السياسي للحزب الوطني الديمقراطي الحاكم...ومشيخة الأزهر التي تخلت عن دورها كمنارة للعلم والتنوير ، وحاضنة لاستقلال البلاد وحرية العباد ، قبلت أن تلعب دور "الذراع الإيديولوجية" لنظام الفساد والاستبداد.

هل أصاب الصمم مشيخة الأزهر فلم تعد تسمع صيحات ملايين الحناجر التي تصدح بشعارات إسقاط النظام ، على مقربة من مقرها ، أم هو الولاء الأعمى للسلطان ، والتبعية الذليلة للسلطة ، تدفع بعض شيوخ الأزهر الأجلاء ، ليتنازلوا عن كبريائهم وهيبتهم ووقارهم و"دينهم" ، ويقبلون بالترويج للتطبيع والتوريث والاستبداد والفساد.

لكن هيهات أن تجد المشيخة من يصغي لها أو لفقهاء السلاطين والبلاط ، فهؤلاء فقدوا ولاء وثقة العشرات من علماء المشيخة المنضوين في إطار جبهة علماء الأزهر ، الذين هبّوا هبة رجل واحد للالتحاق بميادين الثورة وساحات التحرير في كل مدينة وقرية ونجع ، وتصدّروا صفوف المناضلين والمنتفضين...لقد رأينا عماماتهم تشرّف المشيخة وتنقذها من محاولات تلويثها وتدنيسها على مذبح السلطة وموائد السلاطين.

وفي السعودية تحركت المشيخة السعودية ، فأصدرت بدورها فتوى تصف انتفاضة الشعب المصري المجيدة ، بأنها فتنة ، وكل فتنة ضلالة وكل ضلالة في النار ، لم يكلف هؤلاء "العلماء الأجلاء" أنفسهم عناء التحقق من مظالم الشعب المصري المُجوّع والمُفقر والمظلوم والمقموع...لم يدقق هؤلاء في أنباء السرقات والرشاوي والإثراء غير المشروع ، لقد صدرت لهم الأوامر ببذل كل جهد لإنقاذ نظام مبارك ، . وفي معركة الحفاظ على النظام وإنقاذ رأسه ، تبدو كل اللجوء لاستخدام كل أنواع الأسلحة أمراً مشروعاً ، بما في ذلك "لي عنق" الدين والشريعة والإفتاء ، حتى وإن تطلب الأمر إصدار فتاوى مفبركة وشهادات زور.

في لبنان ، لم تكن معركة دار الافتاء بعيدة عن معركة نظيرتها في السعودية أو مصر ، رغم أن الهدف هذه المرة هو إنقاذ الحريري وليس مبارك...لكن من قال أننا بصدد معركتين منفصلتين ، أليس الحريري إلى جانب السنيورة وجعجع والجميل هم حلفاء نظام مبارك الأقربون؟...أليس سقوط هذا النظام هو خسارة صافية لهذا الفريق من اللبنانيين...إن إنقاذ الحريري هو جزء من المعركة لإنقاذ هذا المعسكر برمته ، هو رجع صدى لـ"أم المعارك" التي تدور الآن في شوارع القاهرة والاسكندرية وبني سويف والمنصورة والسويس وغيرها.

ثم ، إن للحريري دين في عنق المفتي ، وقد آن الأوان على ما يبدو للسداد والتسديد ، فالحريري صاحب فضل لن ينسى في إنقاذ المفتي ودائرة الإفتاء من اتهامات "صلبة" بالفساد وهدر مال المسلمين والتصرف بمقدراتهم ، وهي بالمناسبة اتهامات لم تصدر عن حزب الله أو فريق 8 آذار ، بل عن قادة كبار من الطائفة السنية ، مشهود لهم بنظافة اليد والقلب واللسان ، وفي مقدمهم الرئيس سليم الحص شخصياً...هل تذكرون رسالته إلى المفتي القباني ومطالبته بكشف المستور عمّا يدور في دهاليز الدار وغرفها المغلقة...ألم تتشكل لجان تحقيق ، كنا نعرف سلفاً أن الفريق السياسي الذي يرعى دار الإفتاء وترعاه ، سيعمل جهده لقتلها في مهدها وتحويلها إلى مدافن للأسرار الجماعية والفردية.

في مصر تمرد علماء الأزهر على مشيختهم ... وفي السعودية ثمة مدارس في الافتاء لا يمكن لمفتي المملكة أن يختصرها بشخصه...وفي لبنان ، شهد اجتماع المجلس الإسلامي الشرعي (السني) جدلاً وخلافات بين من يريد تحويل الدار إلى ذراع إيديولوجية "للحريرية السياسية" ومن يريد أن ينأى بها عن خطاب التجييش المذهبي والطائفي والحيلولة دون سقوطها في شراك فريق لبناني بعينه ، بل وفريق سني ، لا يمثل كل السنة أو إجماعهم...وهذا بلا شك ، يبقي جذوة الأمل مشتعلة ، فالأنظمة التي نجحت في تجنيد هذه المؤسسات إلى جانبها أو بالأحرى خلفها ، لم تنجح في شراء ذمم الجميع ، فما زال في الأمة بقية من كرامة ونبض وحياة ومروءة ، والأرجح أن مهمة هذه الأنظمة بعد ثورتي اللوتس والياسمين ، ستكون أصعب من أي وقت مضى.
 
(الدستور)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات