فليُفرَج عن الدقامسة

أسرف الصهاينة في وقاحتهم في سياق الرد على تصريحات وزير العدل الأردني فيما يتصل بقضية البطل أحمد الدقامسة ، ولولا الاستخفاف الذي دأبوا عليه بكل ما هو عربي خلال السنوات الأخيرة لما تجرؤوا على ذلك.
والحق أن ملف الدقامسة يستحق أن يغلق بعد أكثر من ثلاثة عشر عاما قضاها الرجل في السجن ، لا سيما أننا لسنا إزاء قضية جنائية. وإذا كان البريطانيون قد باعوا واشتروا في قضية عبدالباسط المقرحي رغم إدانته في قضية أكبر (قضية لوكربي) لاعتبارات اقتصادية ، فإن مجاملة الشارع الأردني في قضية الدقامسة تبدو مسألة طبيعية ، لأن أحدا هنا في ديارنا ، فضلا عن الشارع العربي والإسلامي لم يكن مقتنعا بأن الرجل كان يمارس هواية الإجرام عندما أطلق النار على الفتيات الإسرائيليات ، بقدر ما كان يمارس فعلا سياسيا جاء ردة فعل على مسلسل طويل من إجرام الصهاينة بحق الشعب الفلسطيني وسائر الشعوب العربية ، فضلا عما ذكره في حينه من سخريتهن منه أثناء تأديته للصلاة.
لا حاجة هنا إلى تكرار الحديث حول تعامل الطرف الإسرائيلي مع عشرات ، بل مئات الجرائم المباشرة التي نفذت بدم بارد من قبل جنود إسرائيليين بحق فلسطينيين وعرب وانتهت إلى غرامة أو سجن لبضعة شهور ، وآخرها جرائم عملية الرصاص المصبوب في قطاع غزة التي رفضوا مجرد التحقيق فيها.
لقد آن أوان مجاملة الشارع الأردني فيما يتصل بقضية أحمد الدقامسة ، بل وسائر القضايا ذات البعد السياسي ، ومن ضمنها قضية معتقلي حماس ، إذ أنه جزء لا يتجزأ من السيادة ، وليس في معاهدة وادي عربة أو أية معاهدة مشابهة ما ينص على عدم الإفراج عن أي أحد مهما كانت التهمة الموجهة إليه.
في اعتقادي أن الأجواء السياسية القائمة في البلاد والمنطقة تستدعي نظرة جديدة حيال هذا الملف والملفات المشابهة. وإذا كان الانفتاح على هواجس الناس ومطالبهم على مختلف الصعد أمرا ضروريا في سائر الأحوال ، فإنه في أجواء من هذا النوع يبدو أكثر من ضروري.
لن يضير الأردن بعض الاحتجاج الإسرائيلي في حال الإفراج عن الدقامسة ، فقد قدمت الدوائر الرسمية الأردنية الكثير من الاحتجاجات من أجل توقف العدوان السياسي على الأردن فيما يتصل باعتباره دولة للفلسطينيين وسوى ذلك من الاستفزازات ، فذهب كل ذلك أدراج الرياح ولم يتوقف العدوان ، أفلا يمكن لذات الدوائر أن تتحمل بعض الاحتجاجات من أجل ملف سيترك أثرا طيبا في نفوس الناس جميع الأردنيين ، بل والعرب والمسلمين كذلك؟،.
(الدستور)