خدمة العلم أم بطالة مقنعة

من حق المجلس الاقتصادي والاجتماعي أن يثبت وجوده بطرح أفكار بناءة جديدة تساعد في تقدم البلد اقتصادياً واجتماعياً. لكن إعادة خدمة العلم ليست فكرة جديدة ولا بناءة ، وقد جربناها وفشلت حتى عندما كان لها مبرر وطني في ظل كون الأردن آنذاك في حالة حرب.
عندما ألغيت خدمة العلم في عهد حكومة الأمير زيد بن شاكر رحمه الله ، لم يأت القرار من فراغ ، فالذي اتخذه هو ابن الجيش في المقام الأول ، وقد أدرك أن خدمة العلم كانت عنصراً سلبياً.
زيد بن شاكر ، رئيس الوزراء في حينه ، شرح لنا الأسباب الموجبة ، فقال: إن الجيش الأردني جيش محترف ، كل ضباطه وجنوده التحقوا بسلك الجندية باختيارهم ، فهو جيش متطوعين وليس جيش مجندين رغم أنوفهم.
من ناحية ثانية فإن النوعية التي قدمتها خدمة العلم إلى الجيش لم تكن النوعية المرغوب فيها ، فهناك عناصر لا تختلف عن جمهور المشجعين في المباريات الرياضية ، ووجود هؤلاء في الجيش لا يشكل إضافة نوعية.
المجندون رغم أنوفهم لم يقدموا خدمة للجيش ، وعلى العكس استهلكوا طاقاته التدريبية والإدارية عبثاً. الجيش الأردني جيش نخبة ممتازة ويجب أن يظل كذلك.
عندما بدأ تطبيق خدمة العلم كان ذلك علاجاً للبطالة عن طريق سحب الخريجين من المدارس والجامعات إلى خدمة العلم بدلاً من سوق العمل. وبذلك انخفضت البطالة مؤقتاً دون أن ترتفع الإنتاجية.
وعندما ألغيت خدمة العلم بعد التجربة والفشل ارتفعت نسبة البطالة بشكل قفزة ، لأن ماكينة توليد الوظائف لم تستطع التعامل مع جيشين من الخريجين في سنة واحدة ، أحدهما قادم من المدارس والجامعات ، والثاني قادم من خدمة العلم. وما زالت نسبة البطالة مرتفعة منذ ذلك الحين بسبب الاختلال الذي خلقته تلك الخدمة.
من المدهش أن يبرر المجلس الموقر دعوته لإعادة خدمة العلم بأنه لتحقيق الاندماج وتكريس قيم المساواة والمنافسة والعمل والإنجاز ومنع تفشي الواسطة والمحسوبية.
كيف يمر هذا الكلام ، ومتى كانت خدمة العلم تحول دون الواسطة التي تحدد موقع المجند ، وأي عمل وإنجاز قام به المجندون ، وهل حققوا الاندماج؟.
خدمة العلم في الظروف الراهنة تعني هدر سنة من عمر كل شاب أردني يخرج إلى الحياة.
(الراي)