الهزة النفطية القادمة

خلال سنة 2010 ارتفعت كلفـة فاتـورة النفط المسـتورد بنسبة 31% لتشكل حوالي 12% من الناتج المحلي الإجمالي وتسبب ارتفاعاً في مستوى التضخم لا يقل عن 7ر3%، الأمر الذي أسهم في الضغط على معدل النمو الاقتصادي الحقيقـي بحيث لم يتجاوز 3%، حتى بالمقارنة مع سنة 2009 التي اتسمت بالتراجع والركود.
في آخر موعد شهري لإعادة النظر في أسعار المشـتقات النفطية كانت الأسعار قد ارتفعت عالمياً بنسبة 5%، ولكن الحكومة السابقة، تحت ضغط الظروف الراهنة، قررت تثبيت الأسعار المحلية لمدة شهر، تم خلاله ارتفاع آخر في الأسعار العالمية لا يقل عن10% بسبب حالة عـدم التيقن من توريد النفـط العربي من بعض البلدان المضطربة وخاصة ليبيـا.
هذه الوقائع تدل على عدم جدوى الخطوة الاسترضائية بتخفيض الضريبة على البنزين بنسـبة6%، لأن استمرار ارتفاع الأسعار في السـوق العالمية ابتلع هـذه المنحة خلال أيام.
في ظروف كهـذه يتوقـع أن تفرض الحكومة قيوداً وتتخـذ إجراءات مشـددة لتخفيض استهلاك الطاقة، ولكن هـذه الإجراءات لن تتخذ في الوقت الحاضر لأن المزاج الشعبي الراهن لا يتحمل قرارات تقشـفية، فالحكومة في مرحلة تقديـم تنازلات ومكاسـب وليس المطالبة بتضحيـات.
إمكانيات الأردن وموارده المحدودة لا تسمح بمواجهة هذا العبء الإضافي إذا بقينا ندفع السعر العالمي للبترول العربي المستورد. وبالنظر للتحسن الكبير في إيرادات تصدير البترول وسـخاء الحكومات في تقديـم التنازلات والمكاسب في البلدان العربية المصدرة للبترول، فإن من حق الأردن أن يتوقع معاملة سعرية خاصة، لأن لهذه البلدان الشقيقة مصلحة في الحفاظ على الاسـتقرار الاجتماعي في الأردن.
بهذه المناسبة نسـتذكر أن الاستراتيجية التي كانت الحكومة قد وضعتها لما بعد انتهاء فترة امتياز المصفاة، لم يؤخذ بها ولم تطبق، اكتفاء بعقـد اتفاقيات سنوية مع المصفاة تمثل في الواقع تأجيلاً للحل وتمديـداً للامتياز، بدلاً من إنهـاء احتكار المصفاة وفتح باب الاسـتيراد والمنافسة، وانسحاب الحكومة من قرارات تحديد أسعار المحروقات اكتفاء بالمراقبة، والتدخل عند اللزوم.
مصفاة البترول الأردنية شركة من شركات القطاع الخاص، على الحكومة أن تضع حداً لاحتكارها اسـتيراد وتكرير وتوزيع البترول، والكف عن التدخل في شـؤونها وبرامجها للتوسـع أو التحديث.
(الرأي)