فيتو أميركي ضد العالم

من نافلة القول أن استعمال أميركا لحق الفيتو لإحباط قرار لمجلس الأمن الدولي يدين الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة يقدّم دليلاً جديداً على انحياز أميركا لإسرائيل ، فهذا الانحياز معروف وثابت ولا يحتاج لأدلة إضافية ، ولكن ما حدث كان أكثر وأسوأ من مجرد الانحياز.
إذا أرادت أميركا أن تعامل إسرائيل كحليف استراتيجي لا يجوز أن تعطي صوتها ضده في المحافل الدولية ، فقد كان بوسعها أن تمتنع عن التصويت في مجلس الأمن ، ولكنها قررت أن تعرقل صدور القرار ، وتضرب بمشاعر العرب والمسلمين عرض الحائط.
أميركا لم تعط صوتها في مجلس الأمن الدولي ضد حقوق الشعب الفلسطيني وحسب ، بل وضعت نفسها في مواجهة مع الرأي العام العالمي ، ذلك أن 14 من أصل 15 عضواً في مجلس الأمن وافقوا على مشروع القرار ، ولكن أميركا شاءت أن تعزل نفسها عن إرادة المجتمع الدولي وتأخذ موقفاً مشيناً.
الفيتو الأميركي لصالح الاستيطان الإسرائيلي غير الشرعي في القانون الدولي كان عملاً لا أخلاقياً ، لا يليق بدولة عظمى تتحمل مسؤولية عالمية وتريد أن تكسب العقول والقلوب في هذه المنطقة من العالم.
ليس هذا فقط بل إن أميركا أعطت صوتها بعكس ما قال به رئيسها باراك أوباما في خطاب القاهرة المشهور من أن المستوطنات الإسرائيلية غير شرعية ، فكيف تحاول أميركا إعطاء غطاء لأعمال غير شرعية في القانون الدولي خلافاً لتعهدات رئيسها في جامعة القاهرة.
إحباط القرار العالمي بإدانة الاستيطان في الأراضي المحتلة يعتبر بمثابة إعطاء الضوء الأخضر لإسرائيل لتواصل الاستيطان ، وبذلك تستكمل قتل ما يسمى بعملية السلام في الشرق الأوسط التي تتبناها أميركا.
ماذا يريد الإرهاب العالمي أكثر من هذه المساهمة الأميركية في تسهيل عمليات تجنيد الإرهابيين ، وما قيمة المال والدم الذي تهدره أميركا في حربها على الإرهاب ، إذا كانت بفعلتها المشينة هذه تقدم دعماً معنوياً للإرهاب وتؤكد مقولاته.
الانحياز الأميركي للحليف الإسرائيلي لا يشكل ذخراً بل عبئاً على كاهل الولايات المتحدة ومصالحها في المنطقة ودورها في النظام العالمي. (الراي)