الثورة العربية الخامسة

المقصود بالثورة الانتقال من مرحلة تاريخية وسياسية واجتماعية واقتصادية الى مرحلة أخرى وذلك أيا كانت طبيعة قوة الثورة المضادة اقطاعية أم رأسمالية, استعمارا قديما أو استعمارا جديدا.
والمقصود بالثورة العربية انخراط اقسام واسعة من الشعب العربي في هذه الثورة ببرامج وأدوات ومساهمات ومستويات مكانية وزمانية متفاوتة.
وقد عرف العرب في تاريخهم الحديث العديد من الثورات قبل الثورة الحالية:
الاولى: الثورة المصرية التي قادها محمد علي في مصر ووحد من خلالها مصر وبلاد الشام وحاول بناء دولة قومية رأسمالية على أنقاض سلطة المماليك الاقطاعية, وقد انتهت هذه الثورة بخيانة فرنسا الرأسمالية لها بعد أن دعمتها في البداية لإضعاف الدولة العثمانية.
الثانية: الثورة العربية الكبرى التي دعت لها البرجوازية الشامية مع شريف مكة وانتهت بخيانة بريطانيا الرأسمالية لها بعد أن أيدتها في البداية أيضا وللسبب السابق نفسه وهو إضعاف الدولة العثمانية.
الثالثة: الثورات الاسلامية المسلحة ضد الاستعمار الاوروبي القديم, من ثورة عز الدين القسام في فلسطين ضد الاستعمار البريطاني والحركة الصهيونية, الى ثورة عمر المختار ضد الاستعمار الايطالي في ليبيا, الى ثورة عبد الكريم الخطابي في المغرب ضد الاستعمارين الفرنسي والاسباني. وقد انتهت جميعها بالقمع الوحشي رغم الخسائر الفادحة التي الحقتها بالجيوش الاستعمارية.
الرابعة: الثورات القومية و اليسارية التي عرفها النصف الثاني من القرن العشرين, ابتداء من ثورة يوليو الناصرية في مصر وانتهاء بحركة البعث في سورية والعراق و حركة القوميين العرب في جنوب اليمن. وقد انتهت الثورة الناصرية بعد وفاة عبد الناصر وانقلاب السادات ثم مبارك عليها وعزلهما مصر عن دورها العربي, كما انتهت القوى الأخرى إما بتمزقها إلى برامج قطرية وإما بالعدوان المباشر عليها كما حدث مع العراق, وإما بتنازلها عن مشروعها السياسي كما حدث في جنوب اليمن.
الخامسة: وقد بدأت في تونس ثم مصر ثم ليبيا واليمن والعراق وغيرها, و لا تزال اجراسها ترن في كل أرجاء الوطن العربي.
وتختلف هذه الثورة من حيث ظروفها وطبيعتها الاجتماعية وقواها الجديدة ودور الشباب فيها.
فإذا كان الاسلام الجهادي عنوان ثورات سابقة, واذا كانت برامج التحرر الوطني والقومي عنوان ثورات لاحقة فإن الديمقراطية هي عنوان الثورة الحالية. ورغم أن أيا من حلقات الثورة الجديدة لم تقدم نفسها كثورة قومية إلا أنها الأكثر تأثيرا في الرأي العام و الوجدان العربي. فمفهوم القومية اليوم لم يعد مفهوما ايديولوجيا فقط بل اصبح أمرا واقعا.0