عن «قانون الانتخاب» ... برسم الحوار الوطني (2 - 2)

تم نشره الأحد 06 آذار / مارس 2011 03:22 صباحاً
عن «قانون الانتخاب» ... برسم الحوار الوطني (2 - 2)
عريب الرنتاوي

 
 

 

العقدة الثانية ، التي ستواجه الحوار والمتحاورين ، هي تلك المتعلقة بالخشية من نجاح الحركة الإسلامية الأردنية في اكتساح مقاعد البرلمان المقبل ، في حال جرى إضفاء تعديل جوهري على قانون الانتخاب ، وتوزيع المقاعد مناصفة بين "القوائم النسبية" و"الدوائر الانتخابية الفردية".. وفي ظني أن هذه العقدة هي جزء من كل ، والكل هنا يتمثل في نظرة "السلطة" السلبية للأحزاب السياسية عموماً ، واستمرار التعاطي معها من منظور "أمني ضيق" ، بخاصة حين يتعلق الأمر بالإسلاميين.

لسنا بحاجة للقول ابتداءً إن الإسلاميين في بلادنا ليسوا نبتاً شيطانياً...لم يهبطوا بالمظلات فوق رؤوسنا ، ولا هم كائنات فضائية قادمة من كوكب آخر... هم أردنيون من أبناء هذا الشعب والمجتمع ، لهم ما له وعليهم ما عليه ، وهم ليسوا أقل وطنية أو التزاماً أو غيرة عليه ، من أي من المسؤولين في مختلف مواقع القرار والمسؤولية ، بل أكاد أجزم بأنهم أكثر حرصاً وإخلاصاً من الكثير من المسؤولين الذين عرفنا خلال السنوات الفائتة.

وبنفس القدر من الجزم والحزم أقطع بأن الأحزاب السياسية الأردنية على ضعفها وتفككها وتواضع نفوذها وخبرتها في صورة أفضل بكثير من الصورة التي تحاول بعض مؤسسات الدولة ورموزها و"الناطقين باسمها" رسمها لها... وأن هذه الأحزاب لم تُمنح الفرصة ولم تتوافر لها البيئة والظروف التي تدفعها للتطور والنهوض والارتقاء. وأن شرط ارتقاء الأحزاب ونهوضها بأعباء المرحلة المقبلة يتمثل في اعتماد قانون انتخابي "صديق" لها ، وقانون الانتخاب القائم على النسبية المختلط من بين أكثر القوانين مراعاة لدور الأحزاب وتلبية لحاجتها للتطور.

منذ عامين أو أكثر قليلا أو أقل قليلا ، وكاتب هذه السطور يجادل في أن "الإسلام السياسي" في المنطقة قد تراجع قليلا أو كثيرأ للوراء ، بعد أن بلغ ذروة نفوذه وارتقائه في العامين 2005 و ..6002. واليوم يعود كاتب هذه المقالة للتأكيد أن انتخابات حرة ونزيهة وعادلة لن تمنح الإسلاميين في بلادنا أكثر من ربع مقاعد المجلس النيابي القادم أو ثلاثين بالمائة منها ، وفقاً لأكثر السيناريوهات تفاؤلاً من وجهة النظر الإسلامية.

هذه النسبة على أهميتها و"جسامتها" ، تمثل الحد الأقصى ، وهي بهذا المعنى ، أو بالأحرى لهذا السبب ، كفيلة بتحييد شبح "الفزاعة الإسلامية" ، فقد سبق لنا أن عشنا وتعايشنا مع برلمانات احتل فيها الإسلاميون نسبة مماثلة من المقاعد (برلمان )89 ولم "تخرب" الدنيا ولم تقم "إمارة طالبان" في عمان وإربد والزرقاء ، ولم نعلن حرباً على إسرائيل أو نقطع علاقاتنا بالولايات المتحدة.

ومن أجل مزيد من الضمانات ، نقترح تخفيض نسبة الحسم التي يتعين على كل قائمة فائزة أن تجتازها ، فنضمن بذلك تمثيل عدد أكبر من الأحزاب والقوائم ، وعدم استئثار القوائم والأحزاب الكبيرة بحصة الأسد من المقاعد المخصصة للتمثيل النسبي. كما يمكن اعتماد نظام "النسبية المختلطة" على طريقة ألمانيا وعدد من الدول الديمقراطية الأخرى ، حيث تحصل الأحزاب على نسبة من المقاعد تعادل تماماً نسبة الأصوات التي حصلت عليها ، مأخوذاً بعين الاعتبار عدد المقاعد التي حصلت عليها في الدوائر ، بخلاف ما حصل في فلسطين على سبيل المثال ، حيث حصلت حماس على 55 بالمائة من مقاعد المجلس التشريعي في حين لم تتعد نسبة الأصوات التي حصلت عليها حاجز الـ"44 بالمائة".

ونقترح أيضا توزيع المملكة إلى دوائر انتخابية تساوي نصف العدد الإجمالي لمقاعد المجلس ، بحيث يكون لكل دائرة مقعد ، ولكل ناخب صوت واحد ، ويفوز بمقعد الدائرة من حصل على أعلى الأصوات فيها... فلا نعود إلى نظام 1989 غير الدستوري الذي يعطي الموطن الحق في انتخاب نائبين أو ثلاثة نواب ، ويمنح مواطناً آخر حق انتخاب سبعة أو عشرة نواب... ولا نعود إلى نظام الصوت الواحد المجزوء ونغادر مرة وإلى الأبد تجربة الدوائر الوهمية السيئة والمسيئة.

والخلاصة إن تفكيراً جاداً ومسؤولا في فرص بناء التوافق الوطني حول قانون انتخاب حديث وعصري ، يمكن أن يفضي إلى نتائج إيجابية ملموسة ، ويمكن أن يسهم في تخفيف الاحتقانات والانقسامات ويمكن أن يضع البلاد على سكة إصلاح سياسي عميق وأن يفضي إلى تداول السلطة وتغيير طريقة تشكيل الحكومات وبناء نظام حزبي فعّال وتجربة برلمانية متطورة ولائقة بالأردن والأردنيين في زمن التحولات الديمقراطية والشعبية العربية الضاغطة والمتلاحقة.

 
(الدستور)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات