الشقاء .. في خطر!

تم نشره الأحد 06 آذار / مارس 2011 03:25 صباحاً
الشقاء .. في خطر!
خيري منصور

استوقفني هذا العنوان للشاعر الجزائري مالك حداد قبل زمن ، لأنه ينتمي الى رؤى تبشر بقطع المتواليات التقليدية ، ولا يشبهه الا ما كتبه اللبناني امين نخلة وهو مديح المطر ثم ما كتبه محمود درويش وهو مديح الظل العالي.. فالمديح كان لقرون خلت مطوبا للسلطان أو أولياء النعم ، وأعود الى مالك حداد الذي قال لأول مرة بأن ما هو مهدد بالخطر هو الشقاء وليس الاستقرار أو الفرح ، مالك حداد.. الذي أتقن اللغة الفرنسية اكثر من اهلها قال عبارته الشهيرة وهي ان اللغة الفرنسية منفاه لأن العربية هي وطنه وهو ايضا الذي كان يسخر من الشعراء والادباء الذين يزهون بما حصلوا عليه من شهادات اكاديمية.. ومن اقواله الشهيرة في هذا السياق ما جاء رداً على مذيعة سألته عن دراسته قال.. اسألي العصفور من اي معهد موسيقى تخرج ، وابحثي تحت جناحه الصغيرة عن النوتة التي يعزف عليها،

قبل فترة ليست طويلة كان الرجاء العربي في خطر ، لأن تعاقب نوبات الاحباط أوشك ان يفرغ العربي من كل مضمونه الانساني والقومي ، ولولا ما يحدث بين موت وآخر من قيامات لتحول هذا العربي الى عدمي لا يعنيه شيء أبعد من أنفه.

ما من أحد يزعم الآن ان العربي تعافى ورمى العكاز وأصبح يعدو كالغزال أو الفهد ، لكن ثمة قرائن عديدة تجزم بأن الباترياك ليس في ربيعه ، وان الشقاء فقد الكثير من بوليصات التأمين التي حصل عليها من ثالوث الجهل والفقر والأنيميات على اختلاف أنواعها ودرجاتها،

ان وطنا يعج بكل هذه الجامعات والمؤسسات المدنية والكائنات الحالمة لا يمكن له ان يبقى اسطبلا بسعة قارة ، ووحدة التعداد الديمغرافي التي كانت "نسمة" في الطريق لأن تصبح مواطنا ، فما من رعايا في هذه الالفية وما من أحد يملك الحق لأن يفكر عن أحد أو يحلم نيابة عنه..

محاصيل تاريخية عديدة أصبحت الآن في خطر وليس الشقاء وحده ، لأن الاسئلة التي تعتقت وتعفنت بسبب مراوحتها تحولت الى مساءلات ، والاخرس الصامت عن الحق نطق ، رغم انه بلغ من العمر عتياً ، فالناس يتعلمون الكلام في الثالثة او الرابعة من العمر.. لكنه كلام منزوع الفاعلية،

ونحن لسنا من السذاجة العاطفية أو الفكرية بحيث ننتظر حصاد الدم في الربيع القادم فالتاريخ ابطأ من الأرانب بكثير ، وما ترسب من صدأ على المفاصل لم تسلم منه حتى عقارب الساعات ، فتخثر الزمن وأوشك ان يتوقف..

وأذكر ان صديقا من الفنانين التشكيليين العرب أهداني ذات يوم لوحة هي ساعة مقلوعة العقارب ، وأظن ان هذا الصديق قد يعيد الى ساعته عقربيها لأن من تماوتوا كالبعير بدأ النبض يسري في عروقهم ، فما يحدث يحرك حتى شواهد القبور.

ولكي لا نكون أسرى التهوين لما يجري أو التهويل فان ما نراه وما نسمعه وما نستشعره في العمق ليس وليد اللحظة ، ورغم انه نتاج لما مضى ، الا انه سوف يصبح على الفور مقدمات لما سوف يحدث ، والاستغراق أو الانتشاء بهذه اللحظات قد يؤدي الى اختطاف الحراك ، وبالتالي تهجير شحنات الغضب من سياق الى آخر..

ولم يكن يخطر ببال أحد ان ذلك الصمت المشحون الترقب والريبة هو صمت ما قبل الاعصار بقليل..

 
(الدستور)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات