الثقافة الابوية وإرادة التغيير

تم نشره الثلاثاء 08 آذار / مارس 2011 03:06 صباحاً
الثقافة الابوية وإرادة التغيير
د.عبد الرحيم ملحس


الثقافة التربوية للشعب العربي في معظم اقطاره هي ثقافة ابوية تتميز باحترام عميق للاب في الاسرة الصغيرة, او للشيخ في القبيلة والعشيرة, او للحاكم في الدولة العربية, هذا الاحترام الممزوج بشيء من الرهبة ناتج عن ثقافة تربوية جماعية تؤمن بان الاب المسيطر هو حامي الاسرة والابناء, هو الواهب والحاجب, هو المرجعية النهائية, وهو عمود خيمة الاسرة ان وقع او غاب وقعت الخيمة على رؤوس الابناء وحل الشقاء مكان الطمأنينة والاستقرار والرخاء.

ومع ان الابناء يدركون ان الاب او الشيخ او الحاكم هو في معظم الاحيان سلطوي يفرض ارادته الفردية على ابنائه باساليب مختلفة, الا انهم بسبب ثقافتهم الابوية, يسكتون عن اخطائه او يهمسون لبعضهم بها, لكن شعورهم باذى الاب لا يصل ابدا الى درجة التفكير بتغييره او الحلول محله, في هذه الثقافة تغيير الاب امر مستهجن لان تغييره قد يكون محفوفا بالمخاطر التي قد تهدم الخيمة وتجلب الاسوأ في تقديرهم! الثقافة الابوية, الواعية وغير الواعية قد تنادي باصلاح الاب لكنها لا تنادي ابدا بتغييره.

ولان ثقافة الاب العربي (الشيخ, الحاكم, الرئيس.. الخ) لا تختلف بل تتناغم مع الثقافة الابوية عند اسرته, فان اهم ما يميز علاقته بالابناء والاسرة شعوره او ايمانه انه مسؤول عن تربيتهم وضمان حيويتهم, وتأمين حمايتهم, لكن مقابل طاعتهم شبه الكاملة ورضوخهم لارادته وسماعهم لكلمته, وبذلك فان اي خروج عن طاعته يعد ضربا من العقوق في تقديره يبعث تفكيرا بضرورة اعادة تربيتهم بوسائل تتأرجح بين اللين والشدة.

الاستغناء عن الاب الحاكم في تونس ومصر كان ممكنا وسهلا لان شعوبهما اقل قبلية واكثر مدنية في تركيبتهما الاجتماعية وبالتالي اكثر ابتعادا عن الثقافة الابوية, تغيير الحاكم في البلاد العربية الاخرى يتطلب التخلي عن الثقافة الابوية الشعبية اولا.. امر لا يتم بالعادة إلا مع تحول المجتمع من واحد قبلي الى جديد مدني, اما القبائل التي تشذ عن هذه القاعدة وتناضل من اجل تغيير الحاكم فهي تلك التي تخلت عن الثقافة الابوية واصبح تفكير رجالها اقرب الى الثقافة المدنية.

(العرب اليوم(



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات