كتيبة خميس وجمعة العرب!!

أصبح لزاما علينا ان تبدأ كل مقالة ذات صلة بالحراك العربي الراهن مثلما كانت تبدأ قصائد العرب القدامى بمقدمة طللية حتى لو لم يكن هناك اصحاب يتوجه اليهم الشاعر او أطلال يبكيها.. ودرءا لأي التباس نحن مع الشعوب ضد طغاتها ومع الشوارع والميادين ضد القلاع والحصون ، ومع الديمقراطية ضد كل أنماط الحكم سواء أكان ديكتاتوريا أو باترياركيا أو اوتوقراطيا أو ثيوقراطيا.. ولكن..
نحن منذ اسبوعين على الاقل مسكونون سمعا وبصرا بكتيبة خميس ، نصحو على خميس وننام بكوابيس خميسية وقد تتعجل رياح الخماسين الصحراوية فتزيد الطين جفافا وليس بلة.
ما الذي جرى في فلسطين منذ شهرين؟ واين وصلت انياب المستوطنين في اللحم الحي لأهلنا وترابنا المسروق؟ وهل حقا ترتعيش اسرائيل من الرعب أم انها الآن المكان الوحيد الذي ينعم باستقرار تحسد عليه؟
ماذا جرى في جنوب السودان وكم مجزرة حتى الآن اردت بالمئات ومنهم اطفال وشيوخ؟ وماذا جرى لنهر النيل الذي قال عنه عالم الجيوبوليتيك المصري الذي مات محترقا وبشكل غامض في شقته د. جمال حمدان ، انه يجري نحو قدره العربي؟..
وما هي اخبار البصرة والكوفة وبابل والموصل اضافة الى بغداد؟
ما الذي يجري في طرابلس الشرق قريبا او بعيدا من طرابلس الغرب؟ وكم لبنانا الآن يمدد على الطاولة تحت السكين الطائفي؟
هل قدرنا ان نكون دائما بعين واحدة فلا نرى ما يحدث في مصر اذا كنا نحدق الى تونس ولا نرى ما يحدث في اليمن اذا كانت العينان مسمرتين على ميدان التحرير في القاهرة..
أليس المشهد كله بانوراما وهذا الدم يصعد الى أواني الجغرافيا القومية المستطرقة؟
مفارقة اخرى ان تأتي جمعة الغضب او جمعة الرحيل او جمعة صلاة الاستسقاء في اليوم التالي لخميس وكتائبه.
ما نراه ولا نصدقه الا بعد جهد كبير هو الحصاد لما زرعنا طيلة عقود ، لكأن العرب يخوضون الآن وبأثر رجعي حروب الاستقلال لكن عن نظمهم.
هل نشكر اسرائيل التي لولا عدوانها على لبنان وفلسطين وحمام الشط لما عرفنا أسماء القرى والمدن والشعاب والوهاد والجبال في بلادنا؟
وهل نشكر طغاة العرب الذين لولاهم لما عرفنا اسماء ازقة وزنقات وقرى وناشطين في هذا البلد العربي أو ذاك؟
لا وقت لسؤال محرج من طراز أين كنا؟ وماذا صنعنا بأنفسنا وماذا صنعوا بنا؟؟
فالاشتباك الآن في ذروته ، وثمة مغارم ومغانم ، ومصائب وفوائد ، وحديث انقطع عن الاستثمار يبدأ عن الاستحمار بدلا من الاستعمار وعن الاستغلال بدلا من الاستقلال..
حفظنا كتيبة خميس فردا فردا رغم أننا لم نر خميس وكتائبه ، وأوشكنا ان ننسى ما يجري في رام الله وشقيقاتها وغزة وبنات خالاتها وعماتها..
ان هذا الاختزال لمشهد بانورامي لا يتورط به غير ديك أعور،،(الدستور)