الشعب يريد أرقاما حقيقية

تم نشره الأربعاء 09 آذار / مارس 2011 02:39 صباحاً
الشعب يريد أرقاما حقيقية
جمانة غنيمات

منذ نهاية العام 2009 والمالية العامة تتخبط، ووزارة المالية تغرقنا بأرقام مضللة حول حقيقة الوضع المالي الذي بلغه الاقتصاد الوطني منذ ذلك الحين وحتى اليوم.

وتبدو صورة المشهد المالي ضبابية وغير واضحة المعالم لدرجة لا تمكّن من الحكم على السياسات المطبقة من قبل الحكومة، الأمر الذي يفتح الباب واسعا لقرارات متخبطة وغير مدروسة من قبل صناع القرار ضمن مساع متكررة لإخفاء الواقع والالتفاف عليه.

والبحث في دهاليز الأرقام الحقيقية والربط بينها، يكشف أن المشاكل المالية التي يعاني منها الاقتصاد أكبر بكثير مما يحاول وزراء الاقتصاد في الحكومة التصريح به، وهي مسألة لم يعد ممكنا السكوت عليها، وتتطلب توضيحات وتفسيرات حول ما يجري وتوضيح ماهية الواقع.

من المؤشرات التي تحتاج إلى توضيح، قيمة الناتج المحلي الإجمالي الذي تعتمد عليه الحكومة في كثير من القرارات، ويرتكز عليه تقييم مدى الخطورة التي بلغتها أرقام أخرى، خصوصا أن موازنة 2011، تؤكد أنه نما ليبلغ 21 بليون دينار، في وقت لا أحد يعلم من أين جاء هذا الرقم وكيف؟.

هذا الرقم مبهم، وعدم معرفة أسبابه وتوضيحه يدفع للتشكيك بأرقام أخرى أكثر أهمية، منها حجم الدين منسوبا لهذا الرقم، والذي تؤكد الحكومة انه لم يتجاوز 60 % من الناتج.

بيد أن إظهار الرقم الواقعي والحقيقي للناتج المحلي قد يفضح مسألة مهمة تكشف أن قيمة الدين تخالف القانون وهي أعلي من 60 % من الناتج.

غياب الشفافية عن الأرقام ومحاولة التلاعب بها، حالة مسيطرة على المشهد في المرحلة الراهنة، والقيمة الحقيقية لعجز الموازنة العامة أكبر بكثير من الأرقام التي تعترف بها وزراة المالية؛ حيث تؤكد أرقام الحكومة اليوم انه سيصل حوالي 1.16 بليون دينار نهاية العام الحالي.

وبالقياس على لعبة الأرقام سنجد أن الرقم سيقفز كثيرا فيما لو أخذنا بعين الاعتبار ديون شركة موارد التي تضمنها الحكومة والمقدرة بنحو 260 مليون دينار، وديون شركة الكهرباء الوطنية والتي تراكمت منذ العام الماضي نتيجة تراجع كميات الغاز المصري وكلفت الخزينة في 2010 نحو 400 مليون دينار.

والصراحة المطلوبة في الوقت الحالي والشفافية تقتضيان أن تعلن الحكومة قيمة الكلف الإضافية الحقيقية التي يتكبدها الاقتصاد منذ انفجار خط الغاز المصري بتاريخ 5 شباط (فبراير) والتي تحمل الخزينة مبالغ تصل قيمتها إلى 90 مليون دينار شهريا، وهذه ستضاف هي الأخرى إلى الدين والعجز.

والمضي بلعبة الأرقام والابتعاد عن إعلان الحقائق يزرع ألغاما لا ندري متى ستدق ساعتها الزمنية لتسبب انفجارات خطيرة، قد لا يقوى الاقتصاد على مواجهتها أو إطفائها.

لا أدري ما هي المبررات الرسمية في إخفاء الحقيقة؛ إذ ليس من المهنية التستر على المشاكل، ضمن محاولات يائسة في علاجها من دون إثارة مخاوف الناس ومضاعفة قلقهم المتصاعد أصلا.

ما لا يدركه المسؤولون أن المرحلة الحالية حرجة وحساسة وتقتضي أعلى درجات الإفصاح، لنتمكن من تشخيص وتقدير حجم المشكلة الحقيقي، وذلك كي لا يأتي يوم لا ينفع فيه الندم، ولا يجد المسؤولون فيه أي مبررات تقنع أيا كان بما وصلنا إليه من ترد.

الإفصاح وتوفر النوايا الحقيقية للإصلاح يتطلبان سياسة مكاشفة ومصارحة تعلن الحجم الواقعي للمشاكل الاقتصادية، قبل أن تصل لمرحلة لا ينفع معها التلاعب وتضطر الحكومات مرغمة للوقوف أمام الحقيقة والناس، وتكون مستعدة للحساب. (الغد)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات