قانون الاجتماعات.. رسالة سلبية

تم نشره الجمعة 11 آذار / مارس 2011 09:04 مساءً
قانون الاجتماعات.. رسالة سلبية
د. فوزي علي السمهوري

يشكل قانون الاجتماعات العامة انتهاكاً صارخاً للإعلان العالمي لحقوق الإنسان وللعهد الخاص بالحقوق السياسية والمدنية، كما يشكل انتهاكاً صارخاً لدستور الأردني الذي كفل بمادته السادسة عشرة فقرة 1 للأردنيين حق الاجتماع ضمن حدود القانون.

وحيث إن قانون الاجتماعات العامة المعمول به يمنح الحق للحاكم الإداري فض الاجتماع أو المسيرة أو الاعتصام إذا رأى.. (دون ضوابط محددة)، فهذا أيضاً من شأنه التعدي علي الحق في حرية العبير والمكفولة أيضاً في المادة 15/ 1 من الدستور الأردني.

كما أن الحكومة الأردنية ملزمة بتعديل تشريعاتها بما يتفق مع العهد الخاص بالحقوق السياسية والمدنية الذي صادق عليه الأردن وتم نشره في الجريدة الرسمية في حزيران 2006، فإن إبقاءها على العمل وفق القانون المعمول به، فإن هذا يشكل ردة عن التزاماتها الدولية التي قطعتها على نفسها دون ضغط أو إكراه. ما يعكس عدم توفر إرادة حقيقية وجادة لتعزيز الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، ويفهم من عدم احترام التزاماتها بأن المصادقة والتوقيع والنشر في الجريدة الرسمية إنما يصب في خانة العلاقات العامة ولتقديم نفسها بصورة أفضل أمام الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي، وليس بهدف أن ينعم المواطن الأردني والقوى السياسية وقوى مؤسسات المجتمع المدني بحقوقهم الأساسية، ومنها حق وحرية التعبير وحرية التجمع دون خوف أو تخويف أو مساءلة أو قمع أو تكميم.

لذا فإن التزام الحكومة الحالية السير بالإصلاح السياسي وضمان حرية التجمع، وأمام المسيرات والاعتصامات السلمية التي نظمتها الأحزاب والقوى السياسية من مؤسسات مجتمع مدني وقوى اجتماعية سياسية كالمبادرة الوطنية وغيرها، دون أن تسجل أي خرق أمني أو خروج عن الآداب في التعامل مع آخرين، بالرغم من محاولة استفزازهم واستدراجهم إلى مواجهات أو ما أشبه إلى ذلك "دفع الحكومة إلى الزاوية، محرجة إياها، فوجدت نفسها ملزمة بتقديم تعديل سريع على قانون الاجتماعات العامة، ودفعت بمشروع التعديل إلى مجلس النواب".

وفي قراءة للتعديل المنشور في عدد من وسائل الإعلام، فإنني أسجل الملاحظات التالية:

- أن التعديل حاول علاج جزئية واحدة من القانون، بينما أبقى على باقي مواد القانون. التي تشكل ايضاً انتهاكا للعهد الخاص بالحقوق السياسية والمدنية وانتهاكاً للدستور، ما يعكس عدم توفر أرادة سياسية بسن قوانين أو إجراء تعديلات ترقى إلى العهود والمواثيق الدولية.

ففي الوقت الذي يكفل التعديل ضرورة إشعار الحاكم الإداري قبل الفعالية بـ48 ساعة، فهذا يعني أن أي فعالية طارئة يتم تنظيمها، تعد عمل غير مشروع وفقاً للتعديل، وهذا يتطلب إلغاء المدة الزمنية أو إضافة كلمة «إن أمكن ذلك».

وفي التعديل أيضاً يشترط القانون أن يتقدم 7 أشخاص طبيعيين بطلب اشعار، مبينين عناوينهم وتواقيعهم والغاية من الاجتماع، ففي هذا ايضاً رقابة على أي فعالية، كما أن من شأنها أن تنفي حق الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني التقدم بطلب اشعار عن فعالية ما بصفتها شخصية معنوية، وهذا يعني عدم الاعتراف الفعلي باستقلالية عمل الأحزاب ونشاطاتها.

- لا زال التعديل يخضع نشاطات الأحزاب والقوى السياسية ومؤسسات المجتمع المدني كالندوات وورشات العمل، المزمع إقامتها في الفنادق والقاعات المغلقة إلى القانون، فإذا كان هدف الإشعار عن مسيرة أو اعتصام هو لحماية المشاركين، إذن فما هو الهدف من وراء الإشعار عن الندوات، بالتأكيد فإن الهدف هو في فرض رقابة ووصاية على أي نشاط.

- لا زال التعديل يلزم المنظمين الالتزام بالأنظمة والتعليمات الصادرة بموجب القانون، فنحن أي نظام وتعليمات؟ فهل هي معلومة مسبقاً؟ وهل التعليمات التي من الممكن إصدارها قبل أي فعالية بزمن قصير وربما دقائق ستكون ملزمة؟

فالأصل أن يكون هذا الحق مكفولاً بالقانون، وأن لا يتم منح أي وزارة أو جهاز صلاحية بموجب نظام أو تعليمات، وألا يبقى الحق الأساسي عرضة في أي وقت للانتهاك دون مساءلة للسلطة التنفيذية وأجهزتها.

فالمطلوب هو إصدار قانون اجتنماعات عامة جديد يتفق والمعايير الدولية، يكفل الحق في الاجتماع والتعبير، ويعهد للحاكم الإداري بحماية المسيرة أو الاعتصام أو المهرجان الجماهيري في الأمكنة المفتوحة العامة، وأن يخلو من أي حق يمنح للسلطة التنفيذية التدخل أو إعاقة الفعالية تحت أي مبررات.

وأؤكد أن القانون هو المرآة العاكسة لسياسة الحكومة؟ فإن بقي قانون الاجتماعات العامة ومشروع تعديلاته، فإن هذا يرسل رسالة سلبية حول توفر الإرادة الحقيقية للسير نحو الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، ويعزز عدم الثقة بقدرة الحكومة وكفاءتها الاستجابة لمطالب القوى السياسية ومكونات المجتمع الأردني، ما يعني رفع الصوت العالي بضرورة إقالتها.. وهذا أضعف الإيمان.(السبيل)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات