العوامل المؤثرة على الموازنة

الإيرادات المحلية والنفقـات المتكررة هي أهم فصـول الموازنة العامة وعمودها الفقـري ، ولكن هذين الفصلين ُيظهران اسـتقراراً نسبياً بمعـدل نمو سنوي له علاقة بمعدل النمـو الاقتصادي والتضخم ، مما يجعل حصـة كل منهما من الناتج المحلي الإجمالي ثابتة تقريباً.
أما الفصـول التي تؤثـر على الموازنة بزيادة العجـز أو إنقاصه فهي المنح الخارجية والنفقات الرأسمالية. المنح الخارجية ترتفع أو تنخفض لاعتبارات سياسـية لا سيطرة لوزارة المالية عليها ، وأما النفقات الرأسـمالية فهي نتيجة قرارات سياسية ، قد تكـون جريئة ترفعها في بعض السنوات أو متحفظة تخفضها في سنوات أخرى.
موازنة 2009 مثلاً انتهت بعجز غير مسـبوق بلغ 5ر1 مليار دينار ، ولكن فحـص مكونات الموازنة يدل على أن سبب ارتفاع العجـز يعـود لانخفاض المنح الخارجية وارتفاع النفقـات الرأسمالية عما كانت في السنة السابقة ، أما الإيـرادات المحلية والنفقـات الجارية فكانت طبيعية للغايـة
في المقابل فإن موازنة 2010 أظهرت انخفاضاً في العجـز بمقدار 400 مليون دينار ، كلها عائـدة لارتفاع المنح الخارجية من جهـة وانخفاض النفقات الرأسمالية من جهة أخـرى. أما الإيرادات المحلية والنفقـات الجارية فكانتا ضمن الحـدود المتوقعـة ، بل إن نسبة تغطية الإيرادات المحلية للنفقـات الجارية انخفضت من 3ر91% في 2009 إلى 5ر89% في 2010 إلى 2ر89% في موازنة 2011 ، في خطوات إلى الوراء بمقياس الإصلاح المالي والاعتماد على الذات.
هـذا التحليل يوضح محدودية وزارة الماليـة وقدراتها في تخفيض أو زيادة العجز وبالتالي المديونية ، فهي تسـتطيع أن تتحرك في نطاق محدود للغايـة في مجال الإيرادات المحلية والنفقـات الجارية ، ولكن ليس لها قـول في مجال المنح الخارجية التي تتقرر سياسـياُ وفقاً للظروف الإقليمية والدولية ، والنفقات الرأسمالية التي تتقرر قطاعياً وعلى مسـتوى الحكومة التي قد تخرج ببرنامـج تنفيذي عالي التكاليف ومفروض على وزارة المالية.
هناك (حكماء) يقـولون إن الموازنة ليست مجـرد أرقام صماء ، أو عجز يكبر أو يصغر ، فهناك اعتبارات اجتماعية ، وهذا صحيح ولكن إلى حـد ، لأن التضحية بالاعتبارات المالية لها ثمن لا بد من دفعـه ، فالتضحيات الشـاقة التي تحملها الشعب الأردني تحت برنامج التصحيـح الاقتصادي 1989-2004 كانت ثمناً باهظاً للسماح بتفاقم العجـز وارتفاع المديونية لدرجة الأزمة.
(الراي)