عن الحوار الوطني .. لجنة وأجندة

تم نشره الأربعاء 16 آذار / مارس 2011 12:48 صباحاً
عن الحوار الوطني .. لجنة وأجندة
عريب الرنتاوي

 
 
 

 

الإعلان عن تشكيل ما أسمي لجنة الحوار الوطني ، هيمن على أحاديث الناس والمجالس وتعليقاتهم.. الآراء بصدد التشكيل انقسمت على نطاق واسع.. والتوقعات بشأن النتائج المحتملة ذهبت في كل اتجاه ، والخلاصة أن لجنة الحوار الوطني ، باتت عامل انقسام بدل أن تكون رافعة توافق ومنصة إجماع ، كل ذلك حتى قبل أن تعقد اجتماعها الأول.

لم أسمع من قبل عن لجنة تتشكل من دون علم - مجرد علم - أعضائها.. لم أعرف عن لجنة وطنية استقال عشرة بالمائة من أعضائها أو علّقوا عضويتهم حتى قبل أن يجف حبر قرار التشكيل.. يحدث ذلك في زمن الثورات العربية وعصر الصحوات التي تجتاح كل المدن والعواصم العربية؟،.

طريقة تشكيل اللجنة التي تنطوي على كثير من الاستعلائية.. عدم توازن التمثيل داخل اللجنة للشرائح والمكونات والكيانات المختلفة.. الحرص على أغلبية مضمونة.. الطابع الاسترضائي لأصحاب الصوت العالي الذي حكم تشكيل اللجنة.. كل هذه عناوين يجب أن تكون مثار بحث وتداول بين مختلف الأوساط في قادمات الأيام.. فمن أراد أن يسمع صوته عليه أن يصيح بأعلى "درجات ريختر" أو يقوم بقطع طرق وإغلاق شوارع.. من أراد أن يكون له حضور تمثيلي طاغْ عليه أن يجتاز ما شاء من خطوط حمراء.. يبدو أن هذه هي الطريقة التي تدار بها السياسة المحلية هذه الأيام.

الكتل "الصامتة" ، "المنضبطة" ، "السلبية" والمنسحبة" لا مكان لها تحت الشمس.. لا صوت لها غير "الصوت المتلعثم" الذي يقول كل شيء ولا يقول شيئاً.. الصوت المجتهد بقوة لإرضاء الجميع أو على الأقل عدم إغضاب أحد.. هكذا تصبح مطلوباً ومرغوباً.. هكذا تصبح محترماً من الجميع ، ولا أدري عن أي "جميع" يتحدثون.

بعيداً عن التشكيل ، فإن مشكلة اللجنة أنها جاءت تقريباً على صورة الحكومة التي شكّلتها ومن طرازها.. كتلة مناهضة للإصلاح مطعّمة بأقلية إصلاحية.. هدفها الأول والأخير ، كما قال المحتجون على اللجنة والمنسحبون من عضويتها ، "تجميل الصورة" وإضفاء قليل من "الديكور" عليها.. هذه السياسة لم تنجح من قبل.. وهي لن تنجح من بعد.. .هذه اللعبة لم تعد تنطلي على أحد.. وهذه البضاعة لا زبائن لها بعد اليوم.

لن نذهب بعيداً في التفصيل ، أولاً لكي يجد المقال طريقه للنشر.. وثانياً لكي لا يتشخصن الموضوع.. ولكن كل متأمل في صورة اللجنة وتكوينها وأجندتها ، سيدرك حتماً إننا سائرون إلى معالجات ترقيعية للقوانين الناظمة للعمل العام.. معالجات لن تكون كافية لوضع قواعد جديدة للعبة السياسية المحلية.. وطالما أن الذين أسسوا ونظّروا لكل ما آلت إليه الحياة السياسية المحلية ، هم في مواقع القرار والاستشارة ، فمن العبث انتظار نتائج مغايرة وسياسات مختلفة عن تلك التي سادت خلال السنوات الفائتة.

لا نتوقع اختراقاً في القوانين الناظمة للعمل العام.. لأن اختراقاً كهذا يتطلب تعديلات دستورية جدية ، لا يبدو لي أن اللجنة ستقترب منها.. سندخل في عملية "شراء وقت".. أشهر ثلاثة لإقرار الوثائق وأخرى مثلها لدراستها وإقرار ما يمكن إقراره منها.. ألم نفعل شيئاً مماثلاً زمن الأردن أولاً.. ثم بعد ذلك ندخل على خط التطبيق والترجمة ، وعندها سنرى ما الذي سيتبقى من توصيات اللجنة وقراراتها.. ألم يحصل ذلك من قبل ، ألم تنته لجان تشكلت بنفس الآلية التي تشكلت بها اللجنة الحالية ، إلى مصائر مؤسفة.. ما الذي بقي من الأردن أولا غير "الكوتا النسائية".. ما الذي سيتبقى من هذه اللجنة بعد خمسة أو ستة أشهر.. المكتوب يُقرأ من عنوانه.

اعتراضات وتعليقات قاسية استمعت إليها أمس من قبل شخصيات ونشطاء كثر.. خصوصاَ من قبل الأردنيين من أصول فلسطينية والحركة الإسلامية وبعض رموز المعارضة السياسية والنقابية وشخصياتها.. هؤلاء لا يشعرون أنهم "هناك".. هؤلاء يعتبرون أن صوتهم داخل اللجنة خفيضاً.. هؤلاء لا يبحثون عن اسم إضافي هنا أو آخر هناك.. هؤلاء يعتقدون أن المقدمات تقود إلى نتائج.. ومقدمات التشكيل وطريقته وتفويضه ، تشي بالنتائج المحتملة.. وهي نتائج أدنى بكثير من أن تمثل استجابة لنداءات الإصلاح وضروراته وأولوياته.

إنهم يعبثون بمشروع الإصلاح بدل دفعه للأمام.. إنهم يدفعون "المهمشين" دفعاً للانتفاض على "هامشيتهم" و"تهميشهم" و"مُهمشيهم".. وفي ظني أن استمرار الاستخفاف بفئات وشرائح واسعة من المواطنين لن تكون له من نتيجة سوى حشر هؤلاء في أضيق الزوايا.. ووضع مشكلاتهم على سكة الانفجار بدل الانفراج.(الدستور)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات