الطبقة العربية المبدعة

تم نشره الأربعاء 16 آذار / مارس 2011 06:06 مساءً
الطبقة العربية المبدعة
د. جواد العناني

هل يوجد في الوطن العربي طبقة خلاقة ومبدعة، وذات فكر مبتكر، وقدرة على التجديد؟ وإذا كانت موجودة فأين هي؟ ولماذا لا تضاهي مثيلاتها في الدول المتقدمة؟

منذ أيام كنت أراقب إحدى المحطات الفضائية المصرية، فإذا بحوار يجري مع شخص اسمه د.عصام، وهو يحمل الجنسية الأميركية، ويعمل باحثاً رئيسياً في قسم (الدفع والطاقة) بوكالة ناسا (وكالة العلوم الفضائية) بالولايات المتحدة. وهو شاب ربما بلغ نهاية الثلاثينيات من عمره.

ولما سئل عن أسباب هجرته للولايات المتحدة، نفى أن تكون أسبابه للهجرة بدافع المادة، وإنما بدافع التحرر والحصول على حقوقه وحرياته التي هي أهم من المتطلبات المادية لديه. وقال لقد هاجرت بحثاً عن حريتي وذاتي، ولو أنني بقيت مصرياً لما وجدت الاحترام الكافي، ولا كنت قادراً على الفلتان من المحاسبة والرقابة. ولهذا ذهبت الى أميركا، لأصبح أميركيا، وأعود الى بلدي مصر حيث أستطيع التمتع بحرياتي وحقوقي الأساسية في بلدي لأنني لست مصريا.

هل طردنا من دولنا القدرات الفذة، وضيعنا الطبقة المبدعة والقادرة على الابتكار والتجديد؟ كم تكلفنا الانظمة الاستبدادية في الوطن العربي من حيث الفساد، وهجرة العقول، وتشويه استخدام الموارد، وبعثرة الأموال، والتنازل عن الحقوق السيادية، وإهدار كرامة المواطنين، ورفع معدلات الجهل والفقر والبطالة؟

إن كل الدلائل تؤكد أننا لو سمحنا للعقول العربية أن تستمتع بالحرية في التعبير والإبداع والبحث، فإن حجم الطبقة المبدعة في الوطن العربي لن يقل عن مثيلاتها في أوروبا واليابان والولايات المتحدة.

فالعرب مثلاً يفرزون عدداً من أساتذة الجامعات يصل الى أعلى نسبة بين الأقليات في الولايات المتحدة. وينطبق نفس التحليل والنتائج على قطاعات الصحة (الأطباء والفنيون الطبيون)، وقطاع البحوث العلمية (الموظفون في ناسا وغيرها من مؤسسات البحث العلمي).

إذن فالمشكلة ليست مشكلة العقل العربي، ولا الدماغ العربي، بل المشكلة تكمن في المناخ الناظم للإبداع.

إن المجتمع الذي يؤمن بسريَّة المعلومات بدل الإفصاح عنها، لا بد أنه يغطي من الفضائح أكثر مما يخبئ من الأسرار التي إن كشفت ستعرض أمن الوطن للحظر كما يقال لنا باستمرار.

والمجتمع الذي لا يخصص للبحث العلمي سوى اثنين بالألف من دخله القومي بدل (15 – 20 ) بالألف، لا يمكن أن ينجز اختراعات وابتكارات جديدة.

والمجتمع الذي يفصل البحث العلمي والجامعات عن المجتمع، ويحولها إلى جزر للتلقين والاعتمادية والعودة الى المجتمعات الابتدائية، لا يساوي ثمن كلفته على المجتمع من حيث المردود.

هذه الطبقة الخلاقة والمبدعة، والتي ابتكرت منذ 25 تشرين الأول (اكتوبر) الماضي طرقاً للتعبير عن آلام المجتمع، والفقر، والتهميش، وغياب الحريات والحقوق الاساسية، قادرة إن توفرت لها الظروف الصحية من الاندماج، والتعبير، والحرية، والديمقراطية، وتشجيع العلم، وتغليب المعايير الصحيحة، والشفافة، أن تحيل سكن الجمر وترابه إلى ذهب وتبر للشعب العربي كله.(الغد)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات