عادي جدا!

تم نشره الأربعاء 16 آذار / مارس 2011 06:04 مساءً
عادي جدا!
بسمة النسور

مشهد طبيعي ومألوف جدا أن تكون ذاهبا إلى مقر عملك بـ"أمان الله"، وإذ بك تحشر "على الريق" في أزمة مرورية خانقة غير معروفة الأسباب! وأثناء زحفك البطيء ضمن رتل السيارات، ستكتشف أن ثمة "هوشة" في الأفق: عادي جدا، لا تنفعل كثيرا ولا تعصب أنت الآخر، ولا تبدأ بإطلاق زامور سيارتك احتجاجا.. أرجوك! تحمل قليلا لن تخرب الدنيا إذا تأخرت نصف ساعة! سيتفهم مديرك صاحب الوجه البشوش الأسباب القاهرة التي أدت لتأخرك!

ستصادف مواطنين عاديين من دافعي الضرائب وقارئي الصحف المحلية، ومتابعي برنامج محمد الوكيل، بلباس أنيق ولحى حليقة، ومظهر يوحي بالحضارية. المفترض أنهم مخلوقات محترمة واعية تعرف حدودها بالضبط، وعلى إدراك تام لحقوقها وواجباتها، قد تصادف بكل بساطة نماذج من هؤلاء منخرطين في شجار عنيف عند إشارة ضوئية ما في شوارع عمان، أو في أي من المدن الأردنية تتعارك بالأيدي والألفاظ النابية على خلفية خطأ مروري ارتكبه أحدهم، لم يؤد في كثير من الأحيان إلى أكثر من كشط بسيط، تكاد لا تراه العين المجردة في سيارة المجني عليه. الغريب أن هذا الأخير سيعطي نفسه وعلى الفور الحق كاملا بممارسة الإساءة اللفظية بحق مرتكب الخطأ رجلا كان أم سيدة، فينال من كرامته ويعرضه إلى المهانة، وينهال عليه شتما.

يتكرر هذا المشهد غير الحضاري في كل الدوائر الحكومية ذات الطابع الخدمي، اذ تشعر حين اضطرارك لزيارة أي من هذه الأماكن أن الكل من دون استثناء مستفز إلى درجة كبيرة، وروحه عند رأس أنفه بالضبط، وأنه من السهل جدا أن يتطور أي حوار أو سوء تفاهم إلى "خناقة" كبرى، ستقرأ مجرياتها كخبر محلي عادي جدا في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة. ولا يختلف الأمر كثيرا في جامعاتنا ومدارسنا، إذ لا يكاد يخلو يوم من خبر تعرض معلم أو طالب للضرب والأذى الجسدي الجسيم، كقلع عين أو كسر يد وإزهاق روح، علاوة على "خناقات" حامية الوطيس تجري دوريا في هذه الصروح العلمية، وتتصاعد وتتفاعل لتصل إلى أعمال التخريب للممتلكات العامة، وتمتد خارج الأسوار العلمية، لتأخذ بعدا عشائريا يستوجب جاهات وعطوات وأحيانا جلوات، كل ذلك لسبب "ولادي" كان بالامكان تفاديه لو توفر الحد الأدنى من ضبط النفس وسعة الصدر.

ويمكن القول تجاوزا إن كل تلك الأحداث المؤسفة تظل، على أذيتها، ضمن المعقول وتبرر بطبيعة مزاجنا الحاد.

أما اللامعقول وغير المنطقي والغرائبي، قيام أحد نواب "الأمة" وتحت القبة وعلى مرأى ومسمع الدنيا بتوجيه أقذع الشتائم والإهانات التي يرتب القانون عقوبات على من يثبت تفوهه بها، قام ذلك النائب المؤسف بفعلته النكراء من دون أن يقاطعة رئيس المجلس أو أي من نواب الامة ومن دون أن يبادر أحد بقطع الصوت عنه مداراة للفضيحة النيابية. على العكس كان هناك من يطيب له ويثني على أصله!

حال محزن وصلنا إليه في الوقت الذي تصون فيه التشريعات والقوانين كرامة وحياة أعتى المجرمين، وتكفل عدم تعرضهم للضرب والإهانة، وتضمن لهم المحاكمات النزيهة العادلة، فيما يتعرض إلى السب والإهانة والتجريح، مواطنون شرفاء كان ذنبهم أنهم حملوا علم بلدهم ومارسوا من تحت ظله حقهم في التعبير الحر!

عجايب!

(الغد)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات