الذين يخرقون سفينة الوطن

تم نشره الخميس 17 آذار / مارس 2011 05:34 مساءً
الذين يخرقون سفينة الوطن
علي السنيد

انتحلوا صفة تمثيل الشعب الأردني دون توكيل ، وطالبوا بتغييرات خطيرة تخص حياته السياسية بالقفز عن اخذ إذنه بالحد الأدنى ، ويرفضون أن يخالفهم احد في توجهاتهم التي تؤثر على مستقبل الأجيال ، ويتهجمون على من لا يروق له انتحالهم صفة تمثيله ، فيخونون المخالفين ، او يحقرونهم ، ويطلقون الاتهامات بلا رادع من أخلاق ، وقد احتكروا الشأن العام ، وصار المنحاز إلى وطنه متهما ، وموصوما بصفات غير حميدة ، وبدا ضعيفا أمام ركوبهم الموجة الإقليمية التي تضرب في أرجاء الإقليم ، ويعملون على استدعائها إلى الأردن من خلف ظهر الشعب الذي يجر قصرا إلى الرضوخ لمطالباتهم المتعلقة بشكل الكيان الأردني ، وقد غدا رهينا لتداعياتها لا سمح الله ، ويرفضون أن ينازعهم احد في التعامل مع مجريات هذه المرحلة ، وهم يخرقون سفينة الوطن مع استنكارهم وتنديدهم بالأصوات التي تبدي اعتراضها ، ويقبلون بالمواطن الأردني إما في صفهم ، أو في حالة صمت تتيح تمرير المخطط.

ويجرون الأردن إلى ذات الداء الذي تتفجر الثورات العربية في كل مكان للخلاص منه ، حيث سيطرة الشعارات ، وغلبتها ، والتي كانت الجسر لقهر الشعوب وتفريغها من حرياتها وحقوقها الأساسية باسم التحرر ، والعدالة. فالحالة الحزبية غير الناضجة عربيا هي المسؤولة عما آلت إليه أوضاع الأمة ، وقد تمكن بعض تجار الشعارات من السيطرة على مقاليد الحكم في دولها ، وعمد إلى فرض حزبه ، وباسم التحرر تم حجب المستقبل عن الملايين التي دخلت في دوامة الظلم والإقصاء ، وتغييب حكم القانون لسنوات طويلة ، وكانت القوى السياسية غير الناضجة التي قفزت للحكم من خلال تضليل الجماهير كفيلة بأن تعيد وجهة الأمة إلى الوراء ، وان تستحضر أسوأ أشكال الحكم ، وأقسى أساليبه في حق العرب بالقدر الذي فاق اثر الاستعمار ، والاحتلال الأجنبي المباشر.

والأردنيون ليسوا أعضاء في الأحزاب ، وتجنبوا الانخراط في صفوفها ، ولم تجذبهم شعاراتها ، ولا تشكل سوى نسبة ضئيلة في الشارع الذي يمارس حياته العامة من دون احزاب وهو ليس خالي الوفاض من قضية ، ومطالباتهم تخص معيشتهم ، وضرورة ترشيد الإدارة ، واخذ مخرجات البنية الاجتماعية في الحراك السياسي ، وتطوير آلية عمل مؤسسات الدولة ، والحفاظ على هوية البلد السياسية ، وعلى المقدرات الوطنية ، وزيادة فعالية أجهزة الرقابة ، ولهم تطلعات تتعلق بتطوير التعليم ، والصحة ، والخدمات العامة ، ولكنهم ليسوا منتظمين في الأحزاب ، او يتوزعون عليها ، ولم يناضلوا فيها حتى تختصر قضيتهم في إعادة تقاسم السلطة بين هذه الأحزاب ، وإخضاع تطورات النظام السياسي للصيغة التي تحددها. والأردنيون عموما غير متأثرين بالشعارات ، وبقوا خارج دورة هذه الأحزاب ، وتفوق وعيهم السياسي على حالة التعبئة التي ما تزال تسلكها مثل هذه الهيئات المحدودة في الحياة العامة ، والتي لم تراع متطلبات الزمن ، ولم تطور خطابها ، وفشلت في ان تقدم رجال سلطة وقانون يصلحون لإدارة الدولة ، وان كان صوتها يظل يطفو على السطح السياسي بسبب الصورة الإعلامية المكبرة لها.

ومعادلة العمل العام الأساسية في الأردن تتمثل في تدوير العملية السياسية ما بين السلطة ، والإعلام الذي اخذ الدور الأكبر في طرح قضايا الأردنيين ومتابعتها ، وشكل حراكا مستمرا حتى أن الأحزاب أخذت تستمد مادتها في المعارضة من خلال ما يطرحه الإعلام على صفحاته من مجريات العملية السياسية ، ومطالبات الناس المستمرة. والحالة الحزبية لم ترتق لمستوى طموحات وتطلعات المواطن الأردني الذي لم تستول عليه الشعارات ، وكان مقلا في الانخراط في عمل هذه الهيئات التي فشلت عن تقديم بديل في الحياة العامة ، وكانت الدولة اقرب للمواطن ، وأكثر إنسانية في التعامل معه منها.

والشعب الأردني حافظ على بنيته الاجتماعية التي راعت التطور ، والتحديث ولم تكن تعاني من الجمود والانغلاق ، أو نزعت نحو التطرف ليسهل استغلالها كوقود في التحريض ، والتعبئة.

نريد أن نجاري متطلبات الزمن القادم سياسيا من خلال قراءة واقعية لظروفنا الداخلية ، ولحساسية نسيجنا الاجتماعي ، وبالاعتراف بحجم ما أنجز وتحقق ، وان يقف على مطالب التطوير والتحديث كافة أطياف المجتمع من القيادات الفكرية ، والأكاديمية ، والإعلامية ، وأصحاب الخبرات التشريعية ، والقانونية ، وكافة المتابعين للحياة العامة ، ومن ضمنهم الحزبيون ، والوجهاء الاجتماعيون ، إضافة إلى حالات الوعي في أوساط الشباب ، وذلك كي يخرج التغيير المنضبط باتجاهات ، ومؤشر المصلحة العامة باسم الجميع.
 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات