نفط العرب

في الاثر "الناس شركاء في ثلاث: الماء والكلأ والنار" اي النفط والطاقة ، بلغة العصر ، وهذا ما ترجمه المرحوم الملك فيصل بن عبد العزيز ترجمة حقيقية ، حينما أدخل سلاح النفط في معركة العرب الكبرى عام 1973 ، واستطاع بهذا التوظيف الشجاع الذكي ، أن يهز الغرب من الاعماق ، وأن يضع النفط لأول مرة في التاريخ في خدمة العرب وقضيتهم المركزية "قضية فلسطين" ، مكررا عبارته المشهورة للاميركيين" أريد أن اصلي في المسجد الاقصى المبارك" .
مناسبة هذا الحديث ، هو قرار مجلس التعاون الخليجي ، بتقديم عشرين مليار دولار للبحرين وعمان ، للمساهمة في دعم اقتصاد البلدين ، وتلبية احتياجات المواطنين البحرنيين والعمانيين ، الذين خرجوا في مظاهرات سلمية عارمة ، مطالبين بالتغيير ، وتوفير فرص العمل ، وتحقيق العدالة والمساواة.
ورغم تثميننا لهذه الخطوة المهمة ، وإن جاءت متأخرة ، فاننا ندعو مجلس التعاون الى توسيع مروحة المساعدات ، لتشمل الدول الشقيقة المحتاجة لمثل هذه المساعدات ، وخاصة الاردن ، لمواجهة الاوضاع الاقتصادية المتردية ، وتسديد مديونيته ، فأمن الاردن واستقراره ، مكون رئيس لامن الدول النفطية ، وللامة كلها .
وفي هذا الصدد نذكر بأن الدول العربية النفطية تصدر يوميا عشرين مليون برميل من النفط ، تقدر قيمتها بملياري دولار بالاسعار الحالية.
ونسأل لماذا لا تقوم هذه الدول بتخصيص اسبوع واحد من كل عام ، من دخلها النفطي للدول العربية الفقيرة"الاردن ، اليمن ، موريتانيا ، المغرب ، تونس ، مصر" اذ تبلغ عائدات هذا الاسبوع"14" مليارا ، وهذا الرقم كاف لتسديد ديون هذه الدول ، وكاف للنهوض باوضاعها الاقتصادية ، وتحقيق تنمية حقيقية ، تقضي على البطالة والفقر ، وتشيع الامن والاستقرار.
النفط حق للامة كلها ، لأنها أمة واحدة من المحيط الى الخليج ، فأي خلل يصيب قطرا من هذه الاقطار ، لا بد أن يصيب الاخرين بالحمى والسهر .
وزيادة في التوضيح فان تداعيات الثورة الشعبية التونسية المباركة ، التي وصلت كافة الاقطار ، وكانت بمثابة النار في الهشيم ، تؤكد ما أشرنا اليه ، وتؤكد أن الشعوب العربية هي امة واحدة ، تجمعها روابط التاريخ والجغرافيا والعقيدة واللغة والهم الواحد والمصير المشترك.
وفي تقديرنا ، لو تم توظيف اموال النفط العربي توظيفا حقيقيا ، لحققت نهضة لا مثيل لها ، وقوة قادرة على حماية الامة ، وتحرير مقدساتها ، ولنا في الباكستان الفقيرة مثال يحترم ، اذا استطاعت ان تصنع قنبلة ذرية من فقرها ، وتحمي نفسها من تغول الاقوياء.
باختصار.... النفط نعمة ، اذا احسن استغلاله وتوظيفه لخير الأمة واجيالها وقضاياها ، وهو نقمة اذا وقع تحت سيطرة رجل مثل القذافي ، سخره لقمع شعبه واذلاله ، ولشراء الذمم ، واقترا ف ما لا يخطر على بال. (الدستور)