مصالحة ... أم مناورة..!!
خطورة الأوضاع التي وصلت اليها القضية الفلسطينية ، لا تسمح مطلقا بالتسويف والمماطلة ، أو بالأحرى المناورة. فهذه الأوضاع البائسة التي تنذر بتصفية المشروع الوطني الفلسطيني وقضية شعب احتلت ارضه وشرد ابناؤه في اربعة أرجاء الأرض ليست مجرد نزاع على ارض محتلة..،، وتقزيمها في النهاية الى حكم ذاتي ، يفضي بتحويل هذا الشعب المناضل الى مجرد اقنان وعبيد في الدولة العبرية.
المصير التعس الذي يرتسم في الأفق ، لأقدس وأهم قضية تحرر وطني في التاريخ الحديث ، هو الذي دفع بالشباب الفلسطيني ، الى التظاهر والاعتصام في ميادين الضفة الغربية وقطاع غزة المحتلين ، مطالبا "فتح وحماس" ، بضرورة الخروج من خندق الحزبية الضيق ، والفئوية والمحاصصة ، والمصالح الذاتية والشخصنة ، الى مربع المصالحة الرحب ، والانحياز الى المصالح الوطنية العليا ، لإنقاذ فلسطين ، وشعبها من المتاهة التي يغرق فيها.
لا شك أن تداعيات ثورتي تونس الخضراء ومصر المحروسة ، التي وصلت أمواجها كافة الأقطار العربية من الماء الى الماء ، وكسرتا حاجزي الصمت والخوف ، هي وراء سريان هذه الثورة في عروق شباب فلسطين ، وهم يرون وطنهم يسحب من تحت أرجلهم ، كما يسحب البساط ، وعلى مراى من عيونهم ، فيما الانقسام يتعمق ويتجذر ، حتى أصبح ثابتا من ثوابت الطرفين ، وقد فشلت كافة الوساطات العربية والفلسطينية ، وأصبح الجميع يرددون مقولة زعيم مصر سعد زغلول (غطيني يا صفية ما فيش فايدة) ، أو بعبارة أوضح (فالج لا تعالج)..،،.
إن سرعة استجابة الطرفين لنداءات المتظاهرين الغاضبين في ميادين الأرض المحتلة ، يجب أن تترجم إلى أعمال حقيقية ، والى اجراءات تمشي على الأرض ، وتنفع الناس ، ونعني بذلك التسريع بالمصالحة ، والعودة الى حضن الوطن بعد غربة واغتراب ، ادت الى تراجع القضية المقدسة على اجندة الدول الشقيقة والصديقة ، وأغرت العدو الصهيوني برفع وتيرة العدوان: استيطانا ، وتهويدا ، وجرائم تطهيرعرقي ، لتحويل القدس الى (جيتو) كبير على غرار (جيتو) وارسو.
لا نملك ولا يملك غيرنا ، وصفة جاهزة لتحقيق هذه المصالحة ، لكن نعتقد جازمين ان ابتعاد الطرفين عن المناورة ، وتغليب مصلحة الوطن على المصالح الحزبية والفئوية ، وعلى منطق المحاصصة الضيقة ، وقبل ذلك وبعده ، فإن توافر النوايا الحسنة ، والاحتكام الى الشعب ، وهو صاحب القول الفصل ، سيؤدي حتما الى توحيد جناحي الوطن ، وخروج طائر الفينيق من الرماد.
باختصار... ان استمرار المظاهرات والاعتصام ، في كافة ميادين الوطن ، في غزة ورام الله ، وكافة المدن ومخيمات الشنات ، الوسيلة الوحيدة لإجبار الطرفين على الانصياع لإرادة هذا الشعب ، والكف عن اللعب بالنار.
والله من وراء القصد.
(الدستور)
