لماذا يسيطر الغرب على العالم ؟

برز تفـوق الغرب وسيطرته على العالم منذ 250 عاماً على الأقل ، فهل يتعرض هذا التفوق وتلك السيطرة للتحدي من الشـرق الجديد الصاعد في جنوب وشرق آسيا ، أم أن هذه السـيطرة مستمرة إلى ما شاء الله.؟؟
المقصود بالغرب في هذا السـياق هو أوروبا وأميركا الشمالية. وهناك هواجس غربية بأن الصين أصبحت تشكل تهديـداً للسيطرة الغربية اقتصادياً وعسـكرياً طالما أن اقتصادهـا ينمو بمعدل 10% سـنوياً ، وحجمـه تجاوز اقتصاد اليابان ليصبح ثاني اقتصاد في العالـم بعد أميركا التي يمكن أن يلحق بها خلال 90 عاماً إذا استمرت معدلات النمو الراهنـة.
محللـون يرفضون هذا المنطق ، لأن حجم الاقتصاد الصيني ، وهو الثاني في العالم ، يجعل متوسـط حصة الفرد الصيني في المرتبة 45 عالمياً ، وهناك أقاليم صينيـة في الداخل لم تصلها الثورة الصناعية والاجتماعية بعـد.
يذكر أن الغرب ينتـج ثلثي الناتج المحلي الإجمالي للعالم بأسره ، ويمتلك ثلثي السلاح ، وهو مسؤول عن ثلثي الإنفاق على البحث والتطوير في جميع المجالات ، وهو يفعل كل هـذا مع أنه لا يشكل أكثر من ُسبع عدد سـكان العالم.
من الغريب والحالة هـذه أن يبرز مفكرون متشائمون في الغرب خلال العقد الأول من هذا القـرن يحذرون من أن قـوة الغرب وخاصة أميركا في حالـة انحسار ، وأن قوة الشرق وخاصة الصين في حالة مـد ، وأن الإمبراطورية الأميركية سـوف تذبل وتسـقط كما ذبلت وسـقطت إمبراطوريات عديـدة قبلها.
يبدو أن هناك تصنيفاً عالمياً جديداً قيـد التشكيل ، فالغرب سـيظل العالم الأول ، والصين وباقي النمور الأسيوية ستصبح العالم الثاني ، أما نحن في الشرق الأوسط ودول أميركا اللاتينية وإفريقيـا فسنظل نشكل العالم الثالث طيلـة هذا القرن الحادي والعشرين.
ليس هناك نمط محـدد واحد لأسـلوب النهوض والتفوق. الكثافة العددية للشعب الصيني كان يمكن اعتبارها في ظروف أخـرى عبئاً ولكنها تحولت إلى رأسمال بشري منتج. واليابان كان يمكن أن تكون من أفقـر بلدان العالم ، فليس لديها أية موارد طبيعيـة ، فلا بترول ولا معادن ولا أنهار بل جـزر مبعثرة في أقصى الأرض كان يمكن أن تقنع بصيد السـمك ، ولكنها صنعت المعجـزة.
نحن العرب نملك العدد الكبير والموارد الطبيعية الهائلة ، ولكنا لا نحاول التقدم إلى المستقبل بل الرجوع إلى الماضي.