البحث عن حلول اقتصادية

كانت حكومة الذهبي قد شكلت في خريف 2009 لجاناً قطاعية لدراسة المشاكل والتحديات الاقتصادية التي تواجه مختلف القطاعات على ضوء تداعيات الأزمة المالية والاقتصادية العالمية والركود الذي رافقها. وقد خرجت اللجان بتشخيص للصعوبات وتوصيات للعلاج ، ولكن الحكومة رحلت قبل أن تنظر في تلك التوصيات ، أو تضعها موضع التطبيق.
حكومة الرفاعي لم تأخذ بنتائج تلك الدراسات ، بل خرجت ببرنامج عمل وجدول زمني على سبعة محاور والتزمت بالتنفيـذ ، ولم يتسنّ تقييم مدى النجاح في تنفيـذ البرنامج ، حيث داهمتها ظروف إقليمية مفاجئـة اضطرتها لوضع البرنامج جانباً ، وتقديـم تنازلات عديدة لاستباق أية احتجاجات شـعبية ، ومن ثم الرحيل المبكر.
حكومة البخيت الحالية ورثت تلك التنازلات ، ولا تسـتطيع التراجع عن أي منها لأنها أصبحت حقوقاً مكتسـبة للمستفيدين منها ، بل إنها بدورها أخذت بتقديـم المزيد من التنازلات في مجال توظيف الآلاف ، والامتناع عن رفع أسعار المحروقات ، وغير ذلك من الإجراءات التي ذكرها الرئيس في البرلمان. ويبدو أن الأولوية التي كانت لإصلاح المالية العامة تحولت إلى أولويات اجتماعية وسياسية.
وزير الصناعة والتجارة الدكتور هاني الملقي يريد البناء على ما أنجزته الحكومات السابقة ، فاسـتدعى توصيات اللجان القطاعية التي صيغت في عام 2009 ليرى إمكانية الأخذ ببعضها بقصد تحفيز الاقتصاد وحل المشاكل التي تعاني منها بعض القطاعات ، وحولها إلى لجنة التنمية الوزارية للإطلاع على شكاوي ومطالب تلك القطاعات.
لكن الأوضاع تتغير بسرعة ، فما كان لازماً في 2009 (سنة الأزمة) قد لا يكون لازماً في 2011 (سنة الانتعاش). وإذا كانت الصعوبة الأساسية في حينه تدور حول تشدد البنوك في تقديم التسهيلات ، فقد انتهى هذا التشدد ، وأعادت البنوك في سنة 2010 إقراض كل ما تم تسديده من القروض السابقة مضافاً إليه حوالي 100 مليون دينار شهرياً ، فارتفع مجموع التسهيلات بأكثر من 13ر1 مليار دينار ، فالبنوك تبحث اليوم عن مقترضين مؤهلين .
المشكلة أن مختلف القطاعات تنتهز الظروف الراهنة لتقدم مطالب ومكاسب ، كالدعم والإعفاءات وتخفيف القيود ومعايير السلامة ، وتقع كلها ضمن التساهل في تطبيق القانون أو التدخل في عوامل السوق وخلق اختلالات ، وزيادة أعباء الموازنة المكدودة.(الراي)