بوصلة عمليات المقاومة

تم نشره الجمعة 25 آذار / مارس 2011 12:20 مساءً
بوصلة عمليات المقاومة
د. أحمد جميل عزم

لفهم عمليّة القدس الأخيرة والتصعيد الصاروخي من غزة، لا بد من النظر لذلك من زاويتين؛ الأولى، باعتبارها رد فعل على العدوان الإسرائيلي. والثانية، من خلال السؤال إذا ما كانت جزءا من استراتيجيتي مقاومة وتحرير؟

من الزاوية الأولى، توجّه عملية القدس رسالة إلى إسرائيل أنّ جرائمها لا تمر من دون رد، وأنّ الردع ليس فقط بصعوبة أن تنفذ عمليّات برية في قطاع غزة، أو غيرها، ولكن أيضا في العواقب التي تمس الإسرائيليين في الشوارع وفي البيوت نتيجة عدوان جيشهم. كمّا أن حقيقة أنّ هذه العملية الذي لم ينفذها استشهادي، وجاءت بأسلوب العبوات المزروعة، توجه رسالة حول تغير محتمل للتكتيكات. ومن هنا، تتحمل إسرائيل المسؤولية أمام العالم.

أمّا من الزاوية الثانية، فربما تكون هذه العمليات تعبيرا عن فكرة وغريزة المقاومة والرفض، ولكن مسألة كونها جزءا من استراتيجية عمل وطني منتج وواضح نحو التحرير فهذا ما يحتاج لوقفة.

أول الأسئلة التي تثار في هذا الصدد، تتعلق بفكرة "المشروع الوطني"، والالتفاف الجماهيري حوله. بمعنى أنّ إحدى أكبر المشكلات الاجتماعية في العصر الحديث، هي فكرة شعور الفرد بعدم قدرته على التأثير في الأحداث أو على فهمها، وهذه أفكار ومشاعر يعرّفها علم الاجتماع بكلمة "الاغتراب" (alienation). والمقاومة الفلسطينية، وتحديدا المسلحة، كانت في الماضي تعبيرا عن التخلص من هذا الشعور، واستبداله بالقدرة على الفعل والتأثير، وما يحدث الآن هو العكس.

لقد توقف العمل المسلّح في فلسطين، بفضل قرار معلن وصريح من حركة "فتح"، وبناء على قرار واضح ومعلن في قطاع غزة تحديدا، من قبل حركة "حماس". وسميّت الصواريخ عبثية من قبل "فتح"، وخيانية من قبل "حماس". وفي الماضي كانت فتح تجتمع مع الفصائل لإقناعها بالهدنة، ثم صارت حماس تجتمع معها في غزة لإقناعها بالتهدئة.

في إعلانها الصريح وقف المقاومة المسلحة، لم توضّح "فتح" بدائل للعمل، أمّا "حماس"، فإنّها أنكرت إعلاميّا مرارا أنّها أوقفت العمل المسلح، فيما أوقفته ومنعته فعليَا ميدانيّا، ولم تقدّم كذلك تصورا بديلا للعمل، أو توضيحا لما تفعل. وفي الحالتين أصبح أنصار الفصيلين إمّا واقعين في حيرة أو يدافعون عن موقف فصائلهم من باب "القبليّة الفصائلية". ومن هنا أصبح توقف العمل المسلح وعودته، يحدثان من دون أسباب واضحة، ومن دون معرفة كيف يأتي ذلك ضمن سياق تصور متكامل للتحرير. وهذا كلّه يربك الشارع الفلسطيني ويجعله يشعر باغتراب حقيقي، وبعجز عن تحديد خياراته. ولا يعرف هل هي مرحلة حرب تحرير شعبية وحرب عصابات، أم عمليات انتقام وردع، أم تهدئة والتقاط أنفاس، أم مرحلة مقاومة شعبية، أم خليط من هذا وذاك؟

أضف لذلك فإنّ كثيرين لن يروا التصعيد الراهن إلا موجها ضد فكرة المصالحة، أو استغلالا للظرف. إسرائيل تصعّد لتمنع المصالحة، وستتعزز القناعات أنّ الجناح العسكري في "حماس" وقيادات معينة داخلها ضد مبادرة إسماعيل هنية للمصالحة ولاستقبال محمود عباس في غزة، وبالتالي يسعون لاستباق أي تحرك سياسي بإحداث توتر. وحركة "الجهاد الإسلامي" تستغل الظرف لاستئناف أجندة المقاومة، بعد أن أوقفتها عقب "التوافق" مع "حماس" على ذلك. وإذا ما تذكرنا عملية "حماس" في الخليل قبل أشهر عشية استئناف المفاوضات المباشرة بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل حينها، وأضفنا لذلك أنّ التحرك الراهن جاء في أعقاب التحركات الشعبية المستقلة عن كل من "فتح" و"حماس" وتطالب بإنهاء الانقسام، وبتصعيد المقاومة الشعبية الجماهيرية ضد الاحتلال، فإنّ كل هذا يعطي مؤشرا أنّ بوصلة وماكينة "حماس" العسكرية تتحركان وفقا لإيقاع العلاقة مع الخصوم الفلسطينيين الداخليين، وكرد فعل حول مكانتها الداخلية، وليس ضمن تصور شامل لمواجهة العدو الإسرائيلي. وهذا لن يزيد الفلسطيني سوى ارتباك وحيرة.( الغد)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات