هل تتحقق الأمنيات؟

أتمنى أن نصل يوماً ما إلى حالة تنتفي فيها الحاجة للتشديد على الوحدة الوطنية، لأن الوحدة الوطنية موجودة وراسخة وليست بحاجة لمن يسوقها.
وأتمنى أن نصل إلى حالة لا تضطر فيها الحكومة للتعهد بالنزاهة في إجراء الانتخابات، لأن تزوير الانتخابات يخص الماضي، ولم يعد وارداً اليوم كي يحتاج للنفي.
وأتمنى أن نصل إلى حالة لا يحتاج فيها أحد للدعوة إلى الشفافية، فهي من بديهيات الحياة الحديثة، وليست بحاجة للدعاية والترويج، ولا تحتاج حكومة لأن تصف نفسها بالشفافية فليس لها خيار آخر.
وأتمنى أن نصل إلى حالة لا ندعو فيها إلى الديمقراطية، ولا نحاول إثبات أن لا ديمقراطية بدون أحزاب برامجية وعقائدية، فالديمقراطية مطبقة، والأحزاب ناشطة وتمثل اتجاهات الرأي العام وتداول السلطة.
وأتمنى أن لا نصل إلى حالة نحتاج فيها للتأكيد على ضرورة التعددية، والتفريق بين الاختلاف وهو خير والخلاف وهو شر مستطير.
وأتمنى أن نصل إلى حالة لا يدعو فيها أحد إلى الإصلاح السياسي، لأن النظام السياسي صالح ويتطور بشكل طبيعي ليلبي متطلبات الحياة السياسية الناشطة.
وأتمنى أن نصل إلى حالة لا نحتاج فيها لتوضيح مخاطر عجز الموازنة والدعوة لتقليصه، فالموازنة والحمد لله تحقق فائضاً يضاف إلى احتياطي الدولة، ويصرف منه لتحفيز الاقتصاد إذا تباطأ النمو.
وأتمنى أن لا نصل إلى حالة نحتاج فيها للتحذير من مخاطر تضخم المديونية، فالحكومة لا تقترض إلا لأسباب موسمية ضمن السنة الواحدة.
وأتمنى أن نصل إلى حالة يتم خلالها إلغاء صندوق المعونة الوطنية، فليس هناك فقراء يحتاجون لمن يمكنهم من البقاء على قيد الحياة.
وأتمنى أن نصل إلى حالة لا نشاهد خلالها مواطنين يدسون الرسائل في أيدي المسؤولين في المناسبات الوطنية، ليحصلوا على منافع قد لا يستحقونها، فالوظائف والبعثات تتقرر على أسس معروفة لا يستطيع أحد تجاوزها.
وأتمنى الوصول إلى حالة نتوقف خلالها عن دعوة المجتمع الدولي لتحصيل حقوقنا المهضومة، فنحن لا ننتظر من الآخرين أن يحمونا ويردوا لنا حقوقنا.
وأخيراً أتمنى أن لا تظل مطالبنا أمنيات، وأن نتوقف عن التمني، فما نيل المطالب بالتمني، ولكن تؤخذ الدنيا غلابا.(الراي)